وأكد الشاطبي هذا المعنى بقوله: " فمن أخذ بنص في جزئيه معرضا عن كليه فقد أخطأ وكما أن من أخذ بالجزئي معرضا عن كليه فهو مخطئ"
١ـ إضفاء صفتي الشمولية والاستمرارية على الشريعة فلا تعرف حدودا للزمان ولا للمكان.
٢ـ استعمال الأقيسة المعتبرة والاستنتاجات العقلية السليمة بشكل يتلاءم مع واقع الناس ويراعي ظروفهم دون إبطال للنص أو تحريف له.
٣ـ تطلع المتعاملين فيما بينهم إلى أعلى مثل العدل والإحسان والتعاون لبلوغ المصلحة الشرعية من التعامل فيتوفر بذلك جو من الثقة والنية الحسنة بين الناس ويؤمن الغش والاحتكار وأكل مال الغير بالباطل.
٤ـ الحد من الخلافات المذهبية بين المسلمين التي منشؤها – في الغالب – سوء فهم مقاصد الشريعة أو عدم فهمها على الإطلاق وتوحيد المسلمين مقصد من مقاصد هذا الدين وضرورة من ضروراته.
٥ـ تحديد مفاهيم الحقوق وتعيين مواقعها حتى لا يبقى للحق الشخصي المطلق ولا للأنانية الفردية البغيضة مكان في نفوس الناس ذلك بأن المقاصد العامة بحيث تندرج في مضمونها كافة الحقوق ما كان منها ذا مضمون ديني أو خلقي أو سياسي أو اقتصادي وما إلى ذلك مما يتعلق بجميع نواحي الحياة ماديا ومعنويا فكانت كل الحقوق الجديدة التي لم يعرفها العالم الغربي إلا في هذا العصر مقررة في الشريعة الإسلامية فيما رسم من مقاصدها وغاياتها وشرع من وسائل علمية لتحقيقها وتنميتها والمحافظة عليها.
٦ـ تنظيم حياة المجتمع البشري والموازنة بين حاجيات الناس فلا تطغى حاجة إنسان على آخر ولا تصطدم حريته مع حرية غيره.
٧ـ إيجاد الحلول لكثير من المسائل الطارئة في حياتنا المعاصرة.
ـ تاسعا: علم المقاصد علم دقيق لا يخوض فيه إلا من لطف ذهنه واستقام فهمه لذا أكد الإمام على ضرورة الفهم السليم، والطبع المستقيم
ـ عاشرا: لا يزال فن المقاصد مهمة مطروحة تنتظر من ينجزها فعليا ويتوغل فيها إلى أقصى دلالاتها فهي مادة ثرية لا غنى عنها لباحث أو مجتهد إلا أن هذا الإنجاز يتطلب شيئا من الإحاطة بثقافة العصر وقيمه خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ـ حادي عشر: ضرورة معرفة المقاصد وإيضاحها في نسق عقلي ومنهج علمي سليم وأن يجعل منها مادة تربوية علمية يُربى عليها أبناء الأمة وتقام على أساسها كياناتهم النفسية وغذائهم الفكري ووضوح المقاصد يوفر لنا أمرين:
١ـ الوضوح في أولويات العمل الإسلامي – اليوم – لتطبيق شرع الله في أرضه وإعلاء كلمته.
٢ـ القضاء على الغبش والتخبط مما لا يدع مجالا ولا موضعا يعتد به للنظر الجاهل بالنصوص وأولوياتها وغايتها.
ـ ثاني عشر: الالتفات إلى المصلحة في الاجتهاد مطلوب إلا أن تقديمها على النصوص أمر خطير يؤدي إلى تعطيل الشريعة من أساسها ولو جاز أن تقل الأمة هذا الرأي على إطلاقه في تشريعها وتسمح به لرجال الحقوق والقضاء في اجتهادهم لسادت الفوضى في العمل بالشريعة فمن تراءت له مصلحة في أمر ما وزينها له هواه عمل به وإذا تصور أن فيه مفسدة نبذة وذلك منتهي الاضطراب والتخبط.
ثالث عشر: الشريعة تعمل على تحقيق المقاصد العامة والمحافظة عليها فهي:
١ـ تحافظ على المصلحة أبدا وفق نظام ثابت لا يتأثر بوجود شخص أو موته قال تعالى: {أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (١٤٤) سورة آل عمران] وسواء كانت هذه المصلحة عامة أم خاصة صغيرة أم كبيرة حفظا للحق العام والحق الخاص في آن واحد حتى إن الإنسان لا يعتبر حرا في نفسه وأعضائه فلا يحق له أن يتصرف فها إلا وفق ما يرضي الله " لأن الحق في ذلك مشترك بينه وبين ربه" على حد قول الإمام