استعمل ابن تيمية أساليب كثيرة ليوصل دعوته من خلالها إلى المدعوين، واتخاذ هذه أمر لازم، فإن أي أمر من الأمور هو عبارة عن فكر أو منهج يحتاج في تنفيذه إلى وسيلة أو عدد من الوسائل والأساليب، واتخاذ الوسائل في الدعوة هو من الأسباب التي أمر الشرع بالأخذ بها، وتعطيل الأسباب أن تكون أسباباً قدح في العقل، والاعتماد عليها قدح في الشرع.
والوسائل والأساليب التي اتخذها ابن تيمية في دعوته كثيرة وقد تناولت الرسالة بعضها:
أـ الأساليب:
١ـ القدوة:
أبرزت آراء ابن تيمية في أهميه هذا الأسلوب، وأهمية ما ركب عليه ابن آدم من التأثر في المجتمع الذي يعيش فيه ويخالطه، واعتمد في ذلك على أدلة نقلية وعقلية وحسية.
والصورة المشاهدة تؤثر في الإنسان أكثر من تأثير الكلمة، وهذا ما جعل الإسلام يؤكد في حصر القدوة في النبي e، والنبي e حصرها في اثنين من أمته وهما: أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.
ونظراً لهذه الاستجابة السريعة في التأثر فإن ابن تيمية يؤكد على ضرورة إبعاد المدعوين عن الاختلاط بغير المسلمين، أو أصحاب البدع والمنكرات.
٢ـ الجدل والحوار والمناظرة:
والحديث في هذا الأسلوب تناولته الرسالة ببيان: المنهج العلمي، وهو عبارة عن عدد من المسائل في قواعد وآداب الجدل والمناظرة، والمنهج العلمي التطبيقي الذي سار عليه ابن تيمية في جدله مع الخصوم وغيرهم، وكان ابن تيمية في هذا كما كان في الذي قبله قدوة باهرة، وآية من الله ظاهرة، وحجة على الخصوم قاهره، كشف الله به أسرارهم، وهتك به أستارهم، وأبان به ما كانوا يبيتون.
والجدل في المنظور التيمي لا يدعى به، إنما هو مما يدفع به صيال من يصول على الدعوة والدعاة بالأهواء والشبهات.
٣ـ الفتاوى:
تشكل جزءاً كبيراً من مجال الإصلاح سواء منها المشافهة أو المكتوبة، والمكتوب منها انتشر في الجهات انتشار الضوء في الظلام، فأقضّت مضاجع أصحاب البدع والأهواء. خصوصاً أنه استطاع أن يجذب الناس إليه بحسن خلقه معهم وغزارة علمه حتى جعلوه صاحب معضلاتهم ورجل حاجاتهم. وأدت هذه الفتاوى دوراً في الإصلاح، والقضاء علىالبدع.
وهذا يؤكد على الدعوات الإصلاحية إعداد مفتين مؤهلين.
ب ـ الوسائل:
١ـ الاتصال الشخصي:
أوضحت الرسالة الجهود التيمية في الاتصال بشتى فئات المجتمع ومستوياته من أجل أغراض الدعوة والإصلاح، ومن أجل مصالح المسلمين العديدة.
وقد اتصل بغير المسلمين من أهل الذمة وغيرهم يدعوهم إلى الإسلام ويرد على أسئلتهم ويفنّد حججهم.
٢ـ الرسائل الشخصية والمؤلفات:
وهي سجل لأفكار الدعوة تنتقل إلى أماكن عديدة، فتنقل الدعوة معها عبر قرون متطاولة لتخلد آثار الدعوة في أجيال كثيرين.
وهذا التراث التيمي من الكتب والرسائل قام بدور فعّال في تعديل مسار الأمة خصوصاً العلماء، وآتى ثمرات عظيمة أقضّت مضاجع الخصوم حتى استعدوا السلطة عليه بأنه يشكل خطراً على عقائد الناس وآرائهم.
٣ـ الخطابة:
من الوسائل التي أوصل بها ابن تيمية صوت الدعوة إلى كل من خاطبهم من علماء وحكام وطلبة علم وعامة.
وكانت خطب ابن تيمية تتميز بصدق اللهجة والعاطفة التفاعلية مع الأحداث، وعمق الاستدلال. وهي من وسائل الاتصال المباشر بالمدعوين.
٤ـ الرحلات:
لم يغفل ابن تيمية وهو في دمشق ـ عن مصر قلعة الإسلام، خصوصاً وهي تعاني من انتشار بدع الجهمية والصوفية وليس لها من يعارضها ويبين لها ما فيها من باطل.
وإقامة الداعية في أي مكان تخضع لعاملين:
الأول: قدرته على إظهار شعائر دينه، وأمانه على الضرورات الخمس.
الثاني: انتفاع الناس به، وحاجتهم إليه، فإذا كان في مكان أهله محتاجون مع تقبلهم منه فإنه لا يتركهم بحثاً عن غيرهم.