وبحث في المبحث الثاني عشر تداخل الأسباب وتساقطها، فأوضح معنى التداخل بين الأسباب، وأن الأصل عدمه، وذكر ما ورد منه في أبواب الشريعة، والصور التي تتأتى في التداخل بين الأسباب، ومنهج ابن رجب في التداخل.
ثم أوضح معنى تساقط الأسباب، وأن الأصل عدمه، كما ذكر قسمي تساقط الأسباب.
ثم استنتج مما تقدم أوجه الاتفاق والافتراق بين قاعدتي تداخل الأسباب وتساقطها.
ثم مضى في البحث حتى وصل إلى المبحث السادس عشر، وهو حكم الشرط إذا دخل على السبب في أنه هل يمنع انعقاده سببا في الحال، أو لا يمنع انعقاده سببا في الحال، وإنما يكون تأثيره في تأخير حكم السبب إلى حين وجوده، فعرض الخلاف في ذلك مع بيان دليل كل فريق، ثم فرع مسائل على الخلاف في هذه القضية.
وفي المبحث السابع عشر بحث حكم السبب عند الشك في طريانه، من حيث الإلغاء والاعتبار، فبين أن القاعدة المجمع عليها من حيث الجملة، أن كل سبب شك في طريانه، فهو ملغي، فلا يترتب عليه مسببه، بل يجعل ذلك السبب كالمعدوم فلا يترتب عليه الحكم، كما أوضح تعذر الوفاء بهذه القاعدة المجمع عليها من حيث الجملة، في الطهارات من جميع الوجوه.
ثم أتى بعد ذلك إلى بحث بقية المباحث التي عقدها.
٨ - ثم جاء الفصل السابع مسجلا البحث في مباحث متفرقة، وعقد في ذلك سبعة مباحث.
وقد كان المبحث الأول في حالات الشك، باعتبار نصبه سببا وعدم نصبه. وقد تحصل له من ذلك أن الشك ينقسم بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما ألغاه صاحب الشرع بالإجماع، فلم يعتبره سببا للحكم.
الثاني: ما اعتبراه صاحب الشرع بالإجماع سببا للحكم.
الثالث: ما اختلف في نصبه سببا.
وكان المبحث الثاني فيما إذا كان وجوب الشيء مطلقا غير مقيد بسبب، لكنه في الخارج يتوقف على سبب، فهل يكون الخطاب الدال على وجوب ذلك الشيء دالاً أيضاً على وجوب السبب أو لا؟.
وقد عرض فيه خلاف العلماء فيما إذا كان هذا السبب الذي يتوقف عليه وجود الشيء في الخارج، مقدورا للمكلف، عرض خلافهم في أن الدليل الدال على وجوب ذلك الشيء، هل يكون دالا أيضاً على وجوب هذا السبب الذي يتوقف عليه ذلك الشيء من حيث الوجود، أو لا يكون ذلك الدليل دالا على وجوبه، وإنما يكون وجوبه مستفادا من الدليل الذي دل عليه استقلالا.
وقد كانت النتيجة التي انتهى إليها. رجحان مذهب جمهور الأصوليين، وهو أن الخطاب الدال على وجوب الشيء، يدل أيضاً على وجوب السبب الذي يتوقف وجود ذلك الشيء في الخارج عليه، وتكون دلالته عليه التزامية.
ثم مضى في بحث المباحث حتى وصل إلى المبحث الخامس، وهو الفرق بين قاعدة الإيجابات التي يتقدمها سبب تام، وبين قاعدة الإيجابات التي هي أجزاء الأسباب، فذكر فيه أن الإيجابات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما اتفق على أن السبب التام تقدمه.
الثاني: ما اتفق على أنه جزء السبب.
الثالث: ما اختلف فيه، هل هو من القسم الأول، أو من القسم الثاني.
وقد بين حكم كل قسم من هذه الأقسام، من حيث جواز تأخيره عن السبب وعدم جواز ذلك، وحكى الخلاف فيما فيه خلاف.
وجاء المبحث السادس، وهو الفرق بين السبب ودليل تقدم السبب. فأوضح الفرق بينهما، وفرع على مقتضاه مسائل.
أما المبحث السابع، فقد كان في الفرق بين قاعدة الأسباب الفعلية، وقاعدة الأسباب القولية. وقد تحصل له أن الفرق بينهما يتم من ثمانية وجوه.
ولم يكتف بعدها، بل أردفها بما يوضحها من مسائل.
ولم ينس أن يذكر رأي ابن القيم في بعض ما ذكر من الفروق من حيث عدم صلاحيتها فروقا.