أما فيما يتعلق بأعمال الكهرباء فقد شهدت عمارة الحرمين الشريفين في العهد السعودي تطوراً هائلاً في أعمال الإنارة التي كانت تعتمد في السابق على مصابيح تضاء بالزيت أو بالشموع إلى المصابيح الكهربائية التي تعتمد على ماكينات الإضاءة الصغيرة التي تدار بالسولار، إلى محطات كهربائية عملاقة ترتبط بالشبكة الرئيسة لشركة كهرباء المنطقة الغربية، واستخدام أنواع خاصة من المصابيح والثريات، صممت بمواصفات خاصة للحرمين الشريفين تنخفض فيها الحرارة، وتزيد في الإضاءة لتحويل الليل إلى نهار، مع تركيب ثريات خاصة مختلفة الأحجام موزعة بطريقة فنية في جميع جوانب الحرمين الشريفين، تنسجم أشكالها مع التراث الإسلامي، بل وصل الأمر إلى استخدام أحدث تقنية للإضاءة من أجل إبراز جمال الحرمين الشريفين ليلاً، بوضع كشافات عالية الإضاءة في المآذن تتجه إضاءتها إلى عنان السماء، يمكن بواسطتها سرعة الاستدلال على المكان من مسافات بعيدة.
كما أسهمت الكهرباء في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد –حفظه الله- في توفير التبريد الكافي للحرمين الشريفين؛ ففي الحرم النبوي الشريف تم تركيب أحدث محطتي تبريد وأكبرهما في العالم، أقيمتا خصيصاً لهذا الغرض خارج نطاق التوسعة، ينتقل منها الماء البارد بواسطة أنابيب كبيرة من محطة التبريد لتصل إلى محطات عليها توربينات هوائية تدفع الهواء البارد إلى الأروقة، من خلال تقنية حديثة تعتمد على خروج الهواء من قواعد الأعمدة، كما تم تكييف توسعة خادم الحرمين الشريفين بالحرم المكي بالطريقة نفسها، وبمحطات تبريد ضخمة تم تركيبها في مناطق حول الحرم المكي الشريف.
أما عن أبواب المسجد الحرام في مكة المكرمة فقد كان عددها تسعة عشر باباً في عهد الخليفة المهدي، ثم أضيف إليها من خلال التوسعات التالية سبعة أبواب ليصبح مجموعها ستة وعشرين باباً، وفي التوسعة السعودية بمختلف مراحلها أضيف إلى أبواب المسجد الحرام ستون باباً، ليصبح عدد أبواب المسجد ستة وثمانين باباً، كلها ذات تصميم موحد، ومصنوعة من الخشب الممتاز, ومحلاة بالزخارف والأحزمة والمقابض النحاسية المطلية بماء الذهب.
وبالنظر لأبواب المسجد النبوي الشريف فقد كان عددها أربعة أبواب، ثم زيد عليها باب واحد في العمارة المجيدية. وفي التوسعة السعودية الأولى أصبحت عشرة أبواب، وفي عام ١٤٠٨هـ فتح باب البقيع مقابلاً لمقبرة البقيع ليصبح عدد الأبواب أحد عشر باباً، وقد زاد عددها في توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي الشريف إلى واحد وأربعين مدخلاً، و (٨٥) باباً، وتحتوي الأبواب الجديدة في توسعة خادم الحرمين الشريفين على مداخل عدة واسعة صممت بشكل رائع وجميل، واستخدمت في صنعها أفضل أنواع الخشب المحلي بالزخارف والأحزمة والمقابض النحاسية المطلية بماء الذهب.
ومن أروع المشاهد في عمارة الحرمين الشريفين تلك المآذن التي تم تصميمها بشكل جذاب وبعلو شاهق، وكان عددها قبل التوسعات السعودية في الحرم المكي الشريف ست مآذن، ولكنها زيدت ثلاث مآذن أخرى، فأصبح عددها في توسعة خادم الحرمين الشريفين تسع مآذن؛ ثمان منها على المداخل الأربعة الرئيسة اثنتان على كل مدخل، أما المئذنة التاسعة فجاءت في أعلى الصفا؛ لتوحي ببدء عملية السعي، وهذه المآذن التسع كلها جديدة وذات تصميم واحد، وعلو كل واحدة منها (٩٦) متراً، وفي أعلى كل واحدة منها هلال مصنوع من البرونز الفاخر المطلي بالذهب، بارتفاع ستة أمتار وأربعين سنتيمتراً؛ ليعلن انتهاء ارتفاع المئذنة، ويضيف عليها اللمسة الأخيرة في زينتها وروعة بنائها.