بل على أجهزة الإعلام ووسائلها أن تساعد بنصيبها في هذه التوعية، وألا تعرض من جانبها ما يثير غرائز الشباب، أو يثير مشاعره على المجتمع الذي يعيش فيه، ولابد لكل وسائل التوعية من إدراك صحيح لمفاهيم الإسلام وإلمام تام بمحاسنه حتى يلقونها للناس على صفائها ونقائها. ولابد لهم مع ذلك من المعرفة بكل مشاكل الشباب وعلاجها حتى يجنبوهم مسالك الفتن، ومزالق الأخلاق.
وواجب المسلمين المسئولين عن الدعوة والشباب أن يعملوا على انتشاله من هذه الهاوية التي تردى فيها، وانتزاعه من بين براثن الزيغ الذي أسلم نفسه إليه، وواجبنا أيضاً أن نتولى هذا الشباب منذ نشأته بالتوجيه الصحيح وأن نتعهده بالتربية الدينية الجادة حتى تكون لديه المناعة التي تحميه من مثل هذه الانحرافات الهدامة. وترك الحرية للجماعة الراشدة التي شهد المسئولون أنها تحسن التربية والتوجيه ولا شك أن غياب هذه الجماعة عن الساحة أوجد الفراغ الذي أتاح الفرصة لغيرها ببث أفكار بعيدة عن الإسلام، والمؤسسات الرسمية يمكن أن تقوم بدورها خير قيام إذا أعطيت شيئاً من الحرية والاستقلال والضمانات التي تبعد عنها شبح الخوف والضغوط التي تقع عليها.
وعلى علماء الأزهر تقع المسئولية العظمى في ذلك، وهم – والحمد لله – علماء أجلاء، وفي استطاعتهم أن يبرزوا مفاهيم الإسلام في صورها النقية، وأن يزيلوا عنها كل ما ألصق بها من زيف وفساد، وأن يصححوا للشباب عقيدته، ويعودوا به إلى فطرته السليمة.
كما أن العبء لا يقع على كاهل العلماء وحدهم، بل على المنزل والمدرسة أيضاً نصيب كبير في توعية الشباب توعية دينية صحيحة.
والخطوة الثانية فهي، ألا نحدث هؤلاء الشباب من فوق أبراج عاجية، مستعلين عليهم، أو متبرئين منهم، مما يحفر بيننا وبينهم فجوة واسعة، أو هوة عميقة فلا يثقون بنا ولا يستمعون لنا، كما أننا لا نستطيع بذلك أن نفهمهم، نعرف أغوار حياتهم وحقيقة مشكلاتهم، وإنما يجب قبل كل شيء – أن نعاملهم بروح الأبوة الحانية، والأخوة الراضية، ونشعرهم أنهم منا، وأننا منهم، وأنهم فلذات أكبادنا وأمل حياتنا، ومستقبل أمتنا، وبذلك ندخل إليهم من باب الحب لهم والإشفاق عليهم لا من باب الاتهام لهم والتكبر عليهم.
يجب أن نقف موقف المحامي عنهم، بعد إذ صوبت إليهم سهام الاتهام من كل ناحية، فإذا لم نحسن أن نقف موقف الدفاع – لسبب أو لأخر – فلنقف موقف القضاء العادل، الذي لا يدين إلا ببينة، ولا يتحيز لمدع أو مدعى عليه.