«١١١» ، لم أشاهد أحدا أمر بقتله إلا من قتله الشرع في حدّ من حدود الله تعالى: قصاص أو حرابة، هذا على اتساع المملكة وانفساح البلاد واختلاف الطوائف «١١٢» ، ولم يسمع بمثل ذلك فيما تقدم من الأعصار، ولا فيما تباعد من الأقطار.
وأما شجاعته فقد علم ما كان منه في المواطن الكريمة من الثبات والإقدام مثل يوم قتال بني عبد الوادي «١٠٣» وغيرهم، لقد سمعت خبر ذلك اليوم ببلاد السودان وذكر ذلك عند سلطانهم، فقال: هكذا وإلا فلا! قال ابن جزي، لم يزل الملوك الأقدمون تتفاخر بقتل الآساد وهزائم الاعادي، ومولانا أيده الله كان قتل الأسد عليه أهون من قتل الشاة على الاسد، فإنه لما خرج الأسد على الجيش بوادي النّجارين من المعمورة «١٠٤» حوز سلا وتحامته الأبطال وفرت أمامه الفرسان والرجال برز إليه مولانا أيده الله غير محتفل به ولا متهيّب منه فطعنه بالرمح ما بين عينيه طعنة خرّ بها صريعا لليدين والفم «١٠٥» ، وأما هزائم الأعادي فإنما اتفقت للملوك بثبوت جيوشهم وإقدام فرسانهم فيكون حظ الملوك الثبوت والتحريض على القتال، وأما مولانا أيده الله فإنه أقدم على عدوه منفردا بنفسه الكريمة بعد علمه بفرار الناس وتحققه أنه لم يبق معه من يقاتل فعند ذلك وقع الرّعب في قلوب الأعداء وانهزموا أمامه فكان من العجائب فرار الامم أمام واحد! وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء «١٠٦» ، والعاقبة للمتقين، وما هو إلا ثمرة ما يمتنّ به، أعلى الله مقامه، من التوكل على الله والتفويض اليه.