للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن السادة الذين تصدوا للرحلة- وهم كثير كثير- من تجنّب نشرها حرفيّا وتحقيقها على الطريقة المعهودة في كتب التراث، واكتفى بعرضها أي إنه كان يحكي عن ابن بطوطة، ويتحدث عنه حديث الغائب وبأسلوب غير أسلوب ابن بطوطة ... «١٥» .

وقد برّر بعضهم هذا الصنيع بأنّه نوع من" التعريب" أي نوع من ترجمة الأسلوب القديم إلى (الأسلوب الحديث) ، وقد استأنس هذا البعض في ذلك بصنيع الدكتور طه حسين في كتابه (صوت أبي العلاء) عندما قال:" وما دام جمهور المثقفين يعظم ويضخم من يوم إلى يوم، فلا بد أن نقرّب إليهم أدبنا القديم ... فليس كلّ الناس قادرا على قراءة اللّزوميات والفصول والغايات ورسالة الغفران وفهمها ... وإلا انقطعت الصلة بين الحديث والقديم وأصبح مكان الأدب العربي القديم من المثقفين مكان الأدب اللاتيني من الفرنسيين والإيطاليين" ...

ويلاحظ أن بعض الناشرين في المشرق لم يكلّفوا أنفسهم عناء البحث عن بعض الكلمات المغربية الواردة في الرحلة فأطلقوا العنان لاجتهادهم الذي أخطأ الصواب في بعض الأحيان.

وسأكتفي بسرد طائفة من الألفاظ معتمدا على القارئ في العودة إليها: كلمة (متّيجة) وهي علم جغرافي كما هو معلوم، وليست اسما لاداة من أدوات النقل في المغرب، كلمة (القبرية) التي هي عبارة عن شاهد القبر الذي يسجل فيه اسم الميت وتاريخ وفاته، كتبوا عوضها (التّبرية) وقالوا: إنها نسبة إلى التّبر أي الذهب وقد تكون من النحاس أو الحديد أو الرصاص! وقد استشكل بعضهم كلمة (الظهير) التي تعني في المغرب- كما هو معلوم- المرسوم الملكي، ولفظ (الشّكارة) التي تعني في المغرب ظرفا من الجلد توضع فيه النقود مثلا وليست إناء على كلّ حال، وكلمة (الفرجية) ليست ضربا من الأقبية ولكنها لباس، وهي لفظ مغربي على ما يؤكد دوزي في كتابه (معجم الملابس) ... وكلمة (أفراج) : تعني في المغرب مجموعة خيام سكنية متنقلة تكون صحبة الركب الملكي، والكلمة بربرية، وقد ورد ذكرها مرارا في المصادر المغربية. أما عن (التهليل) فإنه ظرف يجعل فيه (المصحف) وربّما (دلائل الخيرات) كتعويذة، وليس القصد إلى قطعة ذهب على شكل الهلال ... والمجشر ويجمع على مجاشر- وقد يحرف إلى مداشر- لا يعني في المغرب الحوض، ولا المبلغ من المال، ولكنه

<<  <  ج: ص:  >  >>