جعفر بن خطيبها وليّ الله تعالى أبا عبد الله الطنجالي «٣١» قاعدا بالجامع الأعظم، ومعه الفقهاء ووجوه الناس يجمعون مالا برسم فداء الأساري الذين تقدم ذكرهم، فقلت له: الحمد لله الذي عافاني ولم يجعلني منهم! وأخبرته بما اتفق لي بعدهم، فعجب من ذلك، وبعث إلي بالضيافة رحمه الله وأضافني أيضا خطيبها أبو عبد الله الساحلي المعروف بالمعمّم «٣٢» .
ثم سافرت منها إلى مدينة بلش «٣٣» وبينهما أربعة وعشرون ميلا، وهي مدينة حسنة بها مسجد عجيب، وفيها العناب والفواكه والتين كمثل ما بمالقة، ثم سافرنا منها «٣٤» إلى الحمّة وهي بلدة صغيرة لها مسجد بديع الوضع عجيب البناء وبها العين الحارة على ضفة واديها، وبينها وبين البلد ميل أو نحوه، وهنالك بيت لاستحمام الرجال وبيت لاستحمام النساء.
ثم سافرت منها إلى مدينة غرناطة قاعدة بلاد الاندلس، وعروس مدنها، وخارجها لا نظير له في بلاد الدنيا، وهو مسيرة أربعين ميلا يخترقه نهر شنيل «٣٥» وسواه من الأنهار الكثيرة والبساتين والجنّات والرياضات والقصور والكروم محدقة بها من كل جهة، ومن عجيب مواضعها عين «٣٦» الدمع وهو جبل فيه الرياضات والبساتين، لا مثل له بسواها.