للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت فوصلت إلى حضرة فاس حضرة مولانا أمير المومنين أيده الله فقبلت يده الكريمة «١٤٨» وتيمّنت بمشاهدة وجهه المبارك وأقمت في كنف إحسانه بعد طول الرحلة، والله تعالى يشكر ما أولانيه من جزيل إحسانه وسابغ امتنانه ويديم أيامه ويمتع المسلمين بطول بقائه.

وهاهنا انتهت الرحلة المسماة (تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الأسفار) وكان الفراغ من تقييدها في ثالث ذي الحجة عام ستة وخمسين وسبع مائة «١٤٩» والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.

قال ابن جزي: انتهى ما لخّصته من تقييد «١٥٠» الشيخ أبي عبد الله محمد ابن بطوطة، اكرمه الله، ولا يخفى على ذي عقل أن هذا الشيخ هو رحّال العصر، ومن قال:

رحّال هذه الملة لم يبعد، ولم يجعل بلاد الدّنيا للرحلة واتّخذ حضرة فاس قرارا ومستوطنا بعد طول جولاته، إلا لما تحقق أن مولانا أيده الله أعظم ملوكها شأنا وأعمهم فضائل، وأكثرهم إحسانا وأشدهم بالواردين عليه عناية، وأتمهم بمن ينتمي إلى طلب العلم حماية، فيجب على مثلي أن يحمد الله تعالى لأن وفقه في أول حاله وترحاله لاستئيطان هذه الحضرة التي اختارها هذا الشيخ بعد رحلة خمسة وعشرين عاما، إنها لنعمة لا يقدر قدرها ولا يوفى شكرها، والله تعالى يرزقنا الإعانة على خدمة مولانا أمير المومنين ويبقى علينا ظلّ حرمته ورحمته ويجزيه عنا معشر الغرباء المنقطعين إليه أفضل جزاء المحسنين.

اللهمّ- وكما فضلته على الملوك بفضيلتي العلم والدين وخصصته بالحلم والعقل الرصين، فمدّ لملكه أسباب التأييد والتمكين وعرفه عوارف النصر العزيز والفتح المبين واجعل الملك، في عقبه إلى يوم الدين وأره قرّة العين في نفسه وبنيه وملكه ورعيته يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا ونبيّنا محمد خاتم النبيين وأمام المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وكان الفراغ من كتبها في صفر عام سبعة وخمسين وسبع مائة «١٥١» عرف الله من كتبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>