الإسلام في الحقيقة عبيد سدّتك المؤملة، وخول مثابتك المحسنة بالحسنات المجملة، وشهب تعشو إلى بدورك المكملة، وبعض سيوفك المقلّدة في سبيل الله تعالى المحملة، وحرسه مهادك، وسلاح جهادك، وبروق عهادك.
«وإن مكفول احترامك الذي لا يخفر، وربيّ إنعامك الذي لا يكفر، وملتحف جاهك الذي يمحى ذنبه بشفاعتك إن شاء الله تعالى ويغفر، يطالع روضة الجنّة المفتحة أبوابها بمثواك، ويفاتح صوان القدس الذي أجنّك وحواك، وينثر بضائع الصلاة عليك بين يدي الضريح الذي طواك، ويعرض جنى ما غرست ويذرت، ومصداق ما بشرت به لما بشرت وأنذرت، وما انتهى إليه طلق جهادك، ومبّ عهادك، لتقرّ عين نصحك التي أنام العيون الساهرة هجوعها، وأشبع البطون وروّاها ظمئوها في الله تعالى وجوعها، وإن كانت الأمور بمرأى من عين عنايتك، وغيبها متعرف بين إفصاحك وكنايتك، ومجمله يا رسول الله صلى الله عليك، وبلّغ وسيلتي إليك، وهو أن الله سبحانك لمّا عرف عرفني لطفه الخفي في التمحيص، المقتضي عدم المحيص، ثم في التخصيص، المغني بعيانه عن التنصيص، وفّق ببركاتك السارية رحماتها في القلوب، ووسائل محبتك العائدة بنيل المطلوب، إلى استفادة عظة واعتبار، واغتنام إقبال بعد إدبار، ومزيد استبصار، واستعانة بالله تعالى وانتصار، فسكن هبوب الكفر بعد إعصار، وحلّ مخنّق الإسلام بعد حصار، وجرت على سنن السنّة بحسب الاستطاعة والمنّة السيرة، وجبرت بجاهك القلوب الكسيرة، وسهّلت المآرب العسيرة، ورفع بيد العزة الضّيم، وكشف بنور البصيرة الغيم، وظهر القليل على الكثير، وباء الكفر بخطّة التعثير، واستوى الدين الحنيف على المهاد الوثير، فاهتبلنا يا رسول الله غرة العدوّ وانتهزناها وشمنا صوارم عزة الغدوّ وهززناها، وأزحنا علل الجيوش وجهزّناها.
«فكان ممّا ساعد عليه القدر، والخطب المبتدر، والورد الذي حسن بعده الصّدر، أنّنا عاجلنا مدينة برغه «١» ، وقد جرّعت الأختين مالقة ورندة، من مدائن دينك، ومزابن ميادينك، أكواس الفراق، وأذكرت مثل من بالعراق، وسدت طرق التزاور عن الطّاق، وأسألت المسيل بالنجيع المراق، في مراصد المراد والمراق، ومنعت المراسلة مع هدير الحمام، لابل مع طيف المنام عن الإلمام، فيسّر الله تعالى اقتحامها، وألحمت بيض الشفار في زرق الكفار إلحامها، وأزال بشر السيوف من بين تلك الحروف إقحامها، فانطلق المسرى، واستبشرت القواعد الحسرى، وعدمت بطريقها المخيف مصارع الصرعى ومثاقف الأسرى، والحمد لله على فتحه الأسنى ومنحه الأسرى، ولا إله إلا هو منفّل قيصر وكسرى، وفاتح مغلقاتهما المنيعة قسرا؛ واستولى الإسلام منها على قرار جنات، وأم بنات، وقاعدة حصون، وشجرة غصون، طهرت