بوتر الواتر، وأحفظ منها بأذى الوقاح المهاتر، لما جرّته على أسراه من عمل الخاتل الخاتر، حسب المنقول لا بل المتواتر، فطوى إليها المسلمون المدى النازح، ولم تشك المطيّ الروازح، وصدق الجدّ جدها المازح، وخفقت فوق أوكارها أجنحة الأعلام، وغشيتها أفواج الملائكة الموسومة وظلال الغمام، وصابت من السهام ودق الرّهام، وكاد يكفي السهام على الأرض ارتجاج أجوائها بكلمة الإسلام، وقد صمّ خاطب عروس الشهادة عن الملام، وسمح بالعزيز المصون مبايع الملك العلّام، وتكلم لسان الحديد الصامت وصمت إلا بذكر الله لسان الكلام، ووفت الأوتار بالأوتار، ووصل بالحطّيّ ذرع الأبيض البتّار، وسلطت النار على أربابها، وأذن الله تعالى في تبار تلك الأمة وتبابها، فنزلوا على حكم السيف آلافا، بعد أن أتلفوا بالسلاح إتلافا، واستوعب المقاتلة كتافا، وقرنوا في الجدل أكتافا أكتافا، وحملت العقائل والخرائد، والولدان والولائد، إركابا من فوق الظهور وإردافا، وأقلت منها أفلاك الحمول بدورا تضيء من ليالي المحاق أسدافا، وامتلأت الأيدي من المواهب والغنائم، بما لا يصوّره حلم النائم، وتركت العوافي تتداعى إلى تلك الولائم، وتفتنّ من مطاعمها في الملائم، وشنّت الغارات على حمص فجللت خارجها مغارا، وكست كبار الروم بها صغارا، وأجحرت أبطالها إجحارا، واستاقت من النّعم ما لا يقبل الحصر استبحارا.
«ولم يكن إلا أن عدل القسم، استقل بالقفول العزيز الرسم، ووضح من التوفيق الوسم، فكانت الحركة إلى قاعدة جيّان قيعة الظل الأبرد، ونسيجة المنوال المفرد، وكناس الغيد الخرّد، وكرسي الإمارة، وبحر العمارة، ومهوى هوى الغيث الهتون، وحزب التين والزيتون، حيث خندق الجنّة تدنو لأهل النار مجانيه، وتشرق بشواطئ الأنهار إشراق الأزهار زهر مبانيه، والقلعة التي تختّمت بنان شرفاتها بخواتيم النجوم، وهمت من دون سحابها البيض سحائب الغيث السّجوم والعقيلة التي أبدى الإسلام يوم طلاقها، وهجوم فراقها، سمّة الوجوم لذلك الهجوم، فرمتها البلاد المسلمة بأفلاذ أكبادها الوداعة، وأجابت منادي دعوتك الصادقة الصادعة، وحبتها بالفادحة الفادعة، فغصّت الرّبى والوهاد بالتكبير والتهليل، وتجاوبت الخيل بالصّهيل، وانهالت الجموع المجاهدة في الله تعالى انهيال الكثيب المهيل، وفهمت نفوس العباد المجاهدة في الله تعالى حقّ الجهاد معاني التيسير من ربّها والتسهيل، وسفرت الرايات عن المرأى الجميل، وأربت المحلات المسلمة على التأميل، ولمّا صبحتها النواصي المقبلة الغرر، والأعلام المكتتبة الطّرر، برز حاميتها مصحرين «٧» ، وللحوزة المستباحة منتصرين، فكاثرهم من سرعان الأبطال رجل الدّبا «٨» ، ونبت الوهاد والرّبى، فأقحموهم من وراء السور، وأسرعت أقلام الرماح في بسط عددهم المكسور، وتركت