بالقمر. والاكمام بالثمر. وامتدت بشرقيّها غوطتها «١٦١» الخضراء على امتداد البصر. وكل موضع لحظت بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد البصر، ولله صدق القائلين عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها، وإن كانت في السماء فهي تساميها وتحاذيها.
قال ابن جزي، قد نظم بعض شعرائها في هذا المعنى فقال:
إن تكن جنة الخلود بأرض ... فدمشق، ولا تكون سواها!
او تكن في السماء فهي عليها ... قد أمدّت هواءها وهواها
بلد طيب وربّ غفور «١٦٢» ... فاغتنمها عشية وضحاها!
وذكر شيخنا المحدث الرحّال شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جابر بن حسان القيسي الوادي ءاشي «١٦٣» نزيل تونس، ونصّ كلام ابن جبير، ثم قال: ولقد أحسن فيما وصف منها وأجاد، وتوّق الأنفس للتطلع على صورتها بما أفاد، هذا وإن لم تكن له بها إقامة، فيعرب عنها بحقيقة علّامة، ولا وصف ذهبيّات أصيلها، وقد حان من الشمس غروبها ولا أزمان فصولها المنوّعات، ولا أوقات سرورها المنبهات، وقد اختص من قال: ألفيتها كما تصف الألسن، وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الأعين.