ولقد حاولنا أن نعيش مع حاضرنا ما أمكن، لذلك تجاوزنا (معجم البلدان) في التعريف ببعض المواقع الجغرافية ... كما حاولنا أن نتجاوز التعابير بالفراسخ والأميال والمراحل وما أشبهها إلى التعبير بالكيلوميترات، والتحديد بخطوط الطول والعرض ما أمكن ذلك.
ولقد كان ابن جزيّ عظيما عند ما كان يلح في معظم الحالات على تحريك الأسماء الجغرافية أي شكلها بالوصف كما عرفنا ... وهي ظاهره كان ابن جزيّ من السبّاقين إليها ...
لقد لاحظ البارون دوسلان De Slane في مقدمته لكتاب المغرب لأبي عبيد البكري أنّ إهمال ضبط كلمة من أربعة أحرف مثل (يعرف) ، عارية من التّنقيط، يمكن أن تصل احتمالات قراءتها إلى ثلاثمائة طريقة!! ونحن مع الأعلام الجغرافية في الرحلة لابد أن نشير إلى بعض الذين علّقوا على الرحلة واصطدموا ببعض الأسماء الجغرافية التي لم يصلوا إلى الحقيقة حولها، أولئك وجدوا من السهل عليهم أن يشكّكوا في مصداقية مرويات ابن بطوطة عوض أن يقوموا بتحقيق تلك الأعلام في عين المكان ودون ما أن يستسلموا لليأس!! ومع هذا فإنه من المفيد أن نعرف أن كثيرا من الذين اشتغلوا بابن بطوطة لم يفتهم أن يوسّعوا دائرة بحثهم حول المناطق التي زارها الرحالة المغربي. وهكذا نجدهم عند حديث ابن بطوطة عن البحرين مثلا يذكرون أن مدلول البحرين بالأمس كان أوسع بكثير مما هو عليه الأمر اليوم، بمعنى أن البحرين كانت تمتد لتشمل دولة الكويت الحالية وتشمل دولة قطر وتمتد إلى الاحساء. ومثل هذا نقوله عند الحديث عن زيارة ابن بطوطة لبعض الجهات في منطقة عمان (بضم العين) حيث نقرأ عن شمول الزيارة لبعض الإمارات العربية المتحدة اليوم: الشارقة مثلا التي تتبعها كلباء وخور فكان كما وقفنا عليها بالعيان! وعند ما يجدون أنفسهم مع ابن بطوطة في آسيا:- مل جاوة- قمارة، طوالسي، نقرأ عن احتمال زيارته للفيتنام، والطايلاند علاوة على الفيليبين واليابان ... ، ومالاكا في ماليزيا،- وسنغافور- والتّبّت- بورما (بره نكار) - الكامبودج والسيام ... وفي مصاحبته للأميرة التركية يبقى علينا أن نعرف عن بعض المناطق التي سلكها وعن حظ بعض دوّل أروبا الشرقية في إفادات ابن بطوطة على ما سنشرحه في التعليقات ...
ومثل هذا نقوله عن زيارته لشرق إفريقيا الذي يحتضن اليوم عددا من الأمم التي لها كيانها الخاص، على نحو ما نقوله عن الدول التي توجد اليوم في إفريقيا الغربية التي كانت خاتمة رحلاته: موريطانيا، السينغال، غامبيا، غينيا، مالي، النيجر ...
وإلى جانب الأسماء الجغرافية التي كان فيها ما يحرّك ... هناك تلك اللائحة الطويلة والعريضة من الأعلام الشخصية للعلماء والملوك والزعماء والقادة والمتصوفة والمحدثين الخ،