للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاور هذا الرجل بعد حجّه بالمدينة، ثم رحل إلى مدينة دهلى قاعدة بلاد الهند في سنة ثلاث وأربعين «٨٧» فنزل في جواري وذكرت حكاية رؤياه بين يدي ملك الهند، فأمر بإحضاره فحضر بين يديه، وحكى له ذلك فأعجبه واستحسنه وقال له كلاما جميلا بالفارسية، وأمر بإنزاله وأعطاه ثلاثمائة تنكة من ذهب، ووزن التنكة من دنانير المغرب ديناران ونصف دينار، وأعطاه فرسا محلّى السرج واللّجام وخلعة، وعيّن له مرتّبا في كل يوم.

وكان هناك فقيه طيّب من أهل غرناطة ومولده ببجاية يعرف هنالك بجمال الدين المغربي فصحبه علي بن حجر المذكور وواعده على أن يزوّجه بنته وأنزله بدويرة خارج داره واشترى جارية وغلاما، وكان يترك الدنانير في مفرش ثيابه ولا يطمئن بها لأحد فاتفقا:

الغلام والجارية على أخذ ذلك الذهب وأخذاه وهربا، فلما أتى الدار لم يجد لهما أثرا ولا للذهب، فامتنع من الطعام والشراب واشتد به المرض أسفا على ما جرى عليه، فعرضت قضيته بين يدي الملك فأمر أن يخلف له ذلك فبعث إليه من يعلمه بذلك فوجده قد مات رحمه الله تعالى.

وكان رحيلنا من المدينة، نريد مكة شرفهما الله، فنزلنا بقرب مسجد ذي الحليفة الذي أحرم «٨٨» منه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، والمدينة منه على خمسة أميال، وهو منتهي حرم المدينة، وبالقرب منه وادي العقيق، وهنالك تجردت من مخيط الثياب، واغتسلت ولبست ثوب إحرامي، وصليت ركعتين وأحرمت بالحج مفردا «٨٩» ولم أزل ملبيا في كل سهل وجبل وصعود وحدور إلى أن أتيت شعب عليّ عليه السلام «٩٠» ، وبه نزلت تلك الليلة، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>