رحلنا منه ونزلنا بالرّوحاء «٩١» وبها بئر تعرف ببئر ذات العلم، ويقال إن عليا عليه السلام قاتل بها الجن «٩٢» ، ثم رحلنا ونزلنا بالصفراء «٩٣» وهو واد معمور فيه ماء ونخل وبنيان وقصر يسكنه الشّرفاء الحسنيون وسواهم وفيها حصن كبير، وتواليه حصون كثيرة وقرى متصلة. ثم رحلنا منه ونزلنا ببدر «٩٤» حيث نصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم تسليما وأنجز وعده الكريم واستأصل صناديد المشركين، وهي قرية فيها حدائق نخل متصلة، وبها حصن منيع يدخل اليه من بطن واد بين جبال، وببدر عين فوّارة يجرى ماؤها، وموضع القليب الذي سحب به أعداء الله المشركون هو اليوم بستان وموضع الشهداء رضي الله عنهم خلفه، وجبل الرحمة الذي نزلت به الملائكة «٩٥» على يسار الداخل منه إلى الصفراء وبإزائه جبل الطبول، وهو شبه كثيب الرمل ممتد، ويزعم أهل تلك البلاد أنهم يسمعون هنالك مثل أصوات الطبول في كل ليلة جمعة، وموضع عريش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان به يوم بدر يناشد ربّه جلّ وتعالى متصل بسفح جبل الطبول، وموضع الوقيعة أمامه، وعند نخل القليب مسجد يقال له مبرك ناقة النبي صلى الله عليه وسلم تسليما، وبين بدر والصّفراء نحو بريد «٩٦» في واد بين جبال تطرّد فيه العيون وتتصل حدائق النخل.
ورحلنا من بدر إلى الصحراء المعروفة بقاع البزواء «٩٧» وهي برية يضل بها الدليل، ويذهل عن خليله الخليل، مسيرة ثلاث، وفي منتهاها وادي رابغ يتكون فيه بالمطر غدران يبقى