في التربة التي اتّخذها الجوبان بالقرب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنع من ذلك، ودفن بالبقيع. والجوبان هو الذي جلب الماء إلى مكّة شرفها الله تعالى «٢٣٠» .
ولمّا استقلّ السلطان أبو سعيد بالملك أراد أن يتزوّج بنت الجوبان، وكانت تسمى بغداد خاتون «٢٣١» وهي من أجمل النساء وكانت تحت الشيخ حسن الذي تغلّب بعد موت أبي سعيد على الملك وهو ابن عمّته، فأمره فنزل عنها وتزوّجها أبو سعيد، وكانت أحظى النساء لديه، والنساء لدى الأتراك والتتر لهنّ حظّ عظيم وهم إذا كتبوا أمرا يقولون فيه: عن أمر السلطان والخواتين، ولكل خاتون البلاد والولايات والمجابي العظيمة، وإذا سافرت مع السلطان تكون في محلّة على حدة.
وغلبت هذه الخاتون على أبي سعيد وفضّلها على سواها، وأقامت على ذلك مدّة أيّامه ثم إنه تزوّج امرأة تسمى بدلشاد «٢٣٢» فأحبّها حبا شديدا وهجر بغداد خاتون فغارت لذلك وسمّته في منديل مسّحته به بعد الجماع «٢٣٣» ! فمات وانقرض عقبه، وغلبت امراؤه على الجهات كما سندكره، ولما عرف الامراء أن بغداد خاتون هي التي سمّته أجمعوا على قتلها وبدر لذلك الفتى الرومى خوارجه لؤلؤ، وهو من كبار الأمراء وقدمائهم، فأتاها وهي في الحمّام فضربها بدبّوسه وقتلها «٢٣٤» ، وطرحت هنالك أيّاما مستورة العورة بقطعة تليس، واستقلّ الشيخ حسن بملك عراق العرب، وتزوج دلشاد امرأة السلطان أبي سعيد كمثل ما كان أبو سعيد فعله من تزوّج امرأته.