وبهذه المدينة مشهد جرجيس «٢٦٩» النّبي عليه السلام وعليه مسجد والقبر في زاوية منه عن يمين الداخل اليه وهو فيما بين الجامع الجديد وباب الجسر وقد حصلت لنا زيارته والصلاة بمسجده والحمد لله تعالى.
وهنالك تلّ يونس «٢٧٠» عليه السلام وعلى نحو ميل منه العين المنسوبة اليه، يقال:
إنه امر قومه بالتّطهير فيها ثم صعدوا التلّ ودعا ودعوا فكشف الله عنهم العذاب، وبمقربة منه قرية كبيرة يقرب منها خراب، يقال: إنه موضع المدينة المعروفة بنينوى مدينة يونس عليه السلام، وأثر السور المحيط بها ظاهر، ومواضع الأبواب التي بها متبيّنة. وفي التلّ بناء عظيم ورباط فيه بيوت كثيرة ومقاصر ومطاهر وسقّايات يضمّ الجميع باب واحد، وفي وسط الرباط بيت عليه ستر حرير وله باب مرصّع يقال: إنه الموضع الذي به موقف يونس عليه السلام، ومحراب المسجد الذي بهذا الرباط يقال إنه كان بيت متعبّده عليه السلام، وأهل الموصل يخرجون في كلّ ليلة جمعة إلى هذا الرباط يتعبّدون فيه، وأهل الموصل لهم مكارم أخلاق ولين كلام وفضيلة ومحبّة في الغريب واقبال عليه، وكان أميرها حين قدومي عليها السيّد الشريف الفاضل علاء الدين علي بن شمس الدين محمّد الملقّب «٢٧١» بحيدر، وهو من الكرماء الفضلاء، أنزلني بداره وأجرى عليّ الانفاق مدّة مقامي عنده، وله الصدقات والايثار المعروف، وكان السلطان أبو سعيد يعظمه وفوّض اليه في هذه المدينة وما إليها، ويركب في موكب عظيم من مماليكه وأجناده، ووجوه أهل المدينة وكبراؤها يأتون للسلام عليه غدوّا وعشيّا، وله شجاعة ومهابة، وولده يوجد في حين كتب هذا، في حضرة فاس مستقرّ الغرباء «٢٧٢» ومأوى الفرق ومحطّ رحال الوفود زادها الله بسعادة أيام مولانا أمير المومنين بهجة واشراقا وحرس ارجاءها ونواحيها.