ثم رحلنا من الموصل ونزلنا قرية تعرف بعين «٢٧٣» الرّصد وهي على نهر عليه جسر مبنيّ، وبها خان كبير، ثم رحلنا ونزلنا قرية تعرف بالمويلحة «٢٧٤» ثم رحلنا منها ونزلنا جزيرة ابن عمر «٢٧٥» وهي مدينة كبيرة حسنة محيط بها الوادي، ولذلك سميّت جزيرة، وأكثرها خراب، ولها سوق حسنة ومسجد عتيق مبنّى بالحجارة محكم العمل، وسورها مبنىّ بالحجارة أيضا واهلها فضلاء لهم محبّة في الغرباء، ويوم نزولنا بها رأينا جبل الجودى المذكور في كتاب الله عزّ وجلّ «٢٧٦» الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام، وهو جبل عال مستطيل.
ثم رحلنا منها مرحلتين ووصلنا إلى مدينة نصيبين «٢٧٧» ، وهي مدينة عتيقة متوسّطة قد خرب أكثرها وهي في بسيط أفيح فسيح فيه المياه الجارية، والبساتين الملتفّة، والأشجار المنتظمة، والفواكه الكثيرة، وبها يصنع ماء الورد الذي لا نظير له في العطارة والطيب، ويدور بها نهر يعطف عليها انعطاف السوار منبعه من عيون في جبل قريب منها، وينقسم انقساما فيتخلّل بساتينها، ويدخل منه نهر إلى المدينة فيجرى في شوارعها ودورها ويخترق صحن مسجدها الأعظم وينصبّ في صهريجين أحدهما في وسط الصحن والآخر عند الباب الشرقي.