أتيت هذه الزاوية فبتّ بها في ضيافة الشيخين أبي العبّاس أحمد وأبي عبد الله محمد ابني الشيخ أبي بكر المذكور وشاهدت لهما فضلا عظيما، ولمّا غسلنا أيدينا من الطعام أخذ أبو العباس منهما ذلك الماء الذي غسلنا به فشرب منه، وبعث الخادم بباقيه إلى أهله وأولاده فشربوه، وكذلك يفعلون بمن يتوسّمون فيه الخير من الواردين عليهم، وكذلك أضافني قاضيها الصالح أبو هاشم عبد الملك الزّبيديّ وكان يتولّى خدمتي وغسل يدي بنفسه، ولا يكل ذلك إلى غيره.
وبمقربة من هذه الزاوية تربة سلف السلطان الملك المغيث «٨٨» ، وهي معظمة عندهم ويستجير بها من طلب حاجة فتقضى له.
ومن عادة الجند أنّه إذا تمّ الشهر ولم يأخذوا أرزاقهم استجاروا بهذه التربة وأقاموا في جوارها إلى أن يعطوا أرزاقهم، وعلى مسيرة نصف يوم من هذه المدينة الأحقاف «٨٩» ، وهي منازل عاد «٩٠» ، وهنالك زاوية ومسجد علي ساحل البحر وحوله قرية لصيّادي السمك وفي الزاوية قبر مكتوب عليه: هذا قبر هود بن عابر «٩١» عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد ذكرت أن بمسجد دمشق موضعا عليه مكتوب هذا قبر هود ابن عابر، والأشبه أن يكون قبره بالأحقاف لأنّها بلاده والله أعلم.
ولهذه المدينة بساتين فيها موز كثير كبير الجرم، وزنت بمحضري حبّة منه فكان وزنها ثنتى عشرة أوقية، وهو طيّب المطعم شديد الحلاوة، وبها أيضا التنبول والنارجيل المعروف