في جهد عظيم، وكنت قد ضاقت نعلي على رجلي حتّى كاد الدم أن يخرج من تحت أظفارها، فلمّا وصلنا باب المدينة كان ختام المشقّة أن قال لنا الموكّل بالباب: لابدّ لك أن تذهب معي إلى أمير المدينة ليعرف قضيّتك، ومن أين قدمت فذهبت معه إليه فرأيته فاضلا حسن الأخلاق، وسألني عن حالي وأنزلني وأقمت عنده ستّة أيّام لا قدرة لي فيها على النّهوض على قدمي لما لحقها من الآلام.
ومدينة قلهات على الساحل «١٠٦» ، وهي حسنة الأسواق، ولها مسجد من أحسن المساجد حيطانه بالقاشانيّ وهو شبه الزلّيج وهو مرتفع ينظر منه إلى البحر والمرسى وهو من عمارة الصّالحة بيبي مريم «١٠٧» ، ومعنى بيبي عندهم الحرّة، وأكلت بهذه المدينة سمكا لم آكل مثله في إقليم من الأقاليم وكنت أفضله على جميع اللحوم فلا آكل سواه وهم يشوونه على ورق الشجر ويجعلونه على الأرز ويأكلونه.
والأرز يجلب إليهم من أرض الهند، وهم أهل تجارة، ومعيشتهم ممّا يأتي اليهم في البحر الهنديّ، وإذا وصل إليهم مركب فرحوا به أشدّ الفرح، وكلامهم ليس بالفصيح مع أنّهم عرب، وكلّ كلمة يتكلّمون بها يصلونها بلا، فيقولون مثلا تأكل لا؟ تمشي لا؟ تفعل كذا لا؟
«١٠٨» ، وأكثرهم خوارج لا كنهم لا يقدرون على إظهار مذهبهم لأنهم تحت طاعة السلطان قطب الدين تمتهن ملك «١٠٩» هرمز، وهو من أهل السنّة، وبمقربة من قلهات قرية طيبي «١١٠» ،