ثم لما سلكنا هذه البرية وقطعناها، كما ذكرناها، وصلنا إلى خوارزم «٣» ، وهي أكبر مدن الأتراك وأعظمها وأجملها وأضخمها لها الأسواق المليحة، والشوارع الفسيحة، والعمارة الكثيرة، والمحاسن الأثيرة، وهي ترتج بسكانها لكثرتهم، وتموج بهم موج البحر، ولقد ركبت بها يوما ودخلت السوق فلمّا توسطته، وبلغت منتهى الزحام في موضع يقال له الشّور «٤» ، بفتح الشين المعجم واسكان الواو، لم أستطع أن أجوز ذلك الموضع لكثرة الازدحام، وأردت الرجوع فما أمكنني لكثرة الناس، فبقيت متحيّرا وبعد جهد شديد رجعت.
وذكر لي بعض الناس أن تلك السوق يخفّ زحامها يوم الجمعة لأنهم يسدّون سوق القيسارية وغيرها من الأسواق، فركبت يوم الجمعة وتوجهت إلى المسجد الجامع والمدرسة، وهذه المدينة تحت إمرة السلطان أوزبك، وله فيه أمير كبير يسمى قطلودمور «٥» ، وهو الذي عمّر هذه المدرسة وما معها من المواضع المضافة، وأما المسجد فعمرته زوجته الخاتون الصالحة ترابك «٦» . بضم التاء المعلوة وفتح الراء وألف وبك بفتح الموحدة والكاف.
وبخوارزم مارستان له طبيب شامي يعرف بالصهيوني نسبة إلى صهيون من بلاد