ونزلنا عنده وأكرمنا، وكان متى غسلنا أيدينا من الطعام يشرب الماء الذي غسلناها به لحسن اعتقاده وفضله، وسافر معنا إلى أن صعدنا جبل هندوكوش المذكور ووجدنا بهذا الجبل عين ماء حارة فغسلنا منها وجوهنا فتقشرت وتألّمنا لذلك! ثم نزلنا بموضع يعرف ببنج هير «١٤٤» ، ومعنى بنج خمسة، وهير الجبل، فمعناه خمسة جبال، وكانت هنالك مدينة حسنة كثيرة العمارة على نهر عظيم أزرق كأنه بحر ينزل من جبال بدخشان، وبهذه الجبال يوجد الياقوت الذي يعرفه الناس بالبلخش، وخرب هذه البلاد تنكيز ملك التتر فلم تعمر بعد، وبهذه المدينة مزار الشيخ سعيد المكي وهو معظّم عندهم.
ووصلنا إلى جبل بشاي «١٤٥» ، وضبطه بفتح الباء المعقودة والشين المعجم وألف وباء ساكنة، وبه زاوية الشيخ الصالح أطا أولياء، وأطا بفتح الهمزة معناه بالتركية الاب، وأولياء باللسان العربي، فمعناه أبو الأولياء، ويسمّى أيضا سيصد صاله. وسيصد بسين مهمل مكسورة وياء مد وصاد مهمل مفتوح ودال مهمل ومعناه بالفارسية ثلاثمائة، وصاله بفتح الصاد المهمل واللام معناه عام، وهم يذكرون أن عمره ثلاثمائة وخمسون عاما ولهم فيه اعتقاد حسن وياتون لزيارته من البلاد والقرى ويقصده السلاطين والخواتين، وأكرمنا وأضافنا، ونزلنا على نهر عند زاويته، ودخلنا إليه فسلّمت عليه وعانقني وجسمه رطب لم أر ألين منه، ويظنّ رائيه أن عمره خمسون سنة، وذكر لي أنه في كلّ مايه سنة ينبت له الشعر والأسنان، وأنه رأى أبارهم الذي قبره بملتان من السند وسألته عن رواية حديث، فأخبرني بحكايات وشككت في حاله والله أعلم بصدقه.
ثم سافرنا إلى برون «١٤٦» ، وضبطها بفتح الباء المعقودة وسكون الراء وفتح الواو وآخرها نون، وفيها لقيت الأمير برنطيه، وضبط اسمه بضم الباء وضم الراء وسكون النون