للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متفاوت الضخامة، ولذلك يضرب به المثل فيقال: الكركدن، رأس بلا بدن، وهو دون الفيل، ورأسه أكبر من رأس الفيل بأضعاف، وله قرن واحد، بين عينيه، طوله نحو ثلاثة أذرع، وعرضه نحو شبر، ولما خرج علينا عارضه بعض الفرسان في طريقه، فضرب الفرس الذي كان تحته بقرنه فأنفذ فخذه وصرعه، وعاد إلى الغيضة، فلم نقدر عليه! وقد رأيت الكركدن مرة ثانية في هذه الطريق بعد صلاة العصر وهو يرعى نبات الأرض، فلما قصدناه هرب منا، ورأيته مرة أخرى ونحن مع ملك الهند، دخلنا غيضة قصب، وركب السلطان على الفيل وركبنا معه الفيلة، ودخلت الرّجالة والفرسان فأثاروه وقتلوه واستاقوا رأسه إلى المحلة.

وسرنا من نهر السّند يومين، ووصلنا إلى مدينة جناني «٧» ، وضبط اسمها بفتح الجيم والنون الأولى وكسر الثانية، مدينة كبيرة حسنة على ساحل نهر السند لها أسواق مليحة، وسكانها طائفة يقال لهم: السّامرة «٨» ، استوطنوها قديما واستقر بها أسلافهم، حين فتحها على أيام الحجاج بن يوسف حسبما أثبت المؤرخون في فتح السند، وأخبرني الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد ركن الدين بن الشيخ الفقيه الصالح شمس الدين بن الشيخ الإمام العابد الزاهد بهاء الدّين زكرياء «٩» القرشي، وهو أحد الثلاثة الذين أخبرني الشيخ الولي الصالح برهان الدين الأعرج بمدينة الإسكندرية أني سألقاهم في رحلتي فلقيتهم، والحمد لله أن جدّه الأعلى كان يسمى بمحمد بن قاسم القرشي «١٠» ، وشهد فتح السند في العسكر الذي بعثه لذلك الحجاج بن يوسف أيام إمارته على العراق وأقام بها وتكاثرت ذرّيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>