للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء الطائفة المعروفون بالسامرة لا يأكلون مع أحد ولا ينظر إليهم أحد حين يأكلون ولا يصاهرون أحدا من غيرهم ولا يصاهر إليهم أحد وكان لهم في هذا العهد أمير يسمى ونار بضم الواو وفتح النون، وسنذكر خبره.

ثم سافرنا من مدينة جناني إلى أن وصلنا إلى مدينة سيوستان «١١» ، وضبط اسمها بكسر السين الأول المهمل وياء مد وواو مفتوح وسين مكسور وتاء معلوة وآخره نون، وهي مدينة كبيرة وخارجها صحراء ورمال، ولا شجر بها إلا شجر أم غيلان، ولا يزرع على نهرها شيء ما عدا البطيخ، وطعامهم الذرة والجلبّان، ويسمونه المشنك «١٢» ، بميم وشين معجم مضمومين ونون مسكن، ومنه يصنعون الخبز، وهي كثيرة السمك والألبان الجاموسية، وأهلها يأكلون السّقنقور وهي دوبيّة شبيهة بأم جبين التي يسميها المغاربة حنيشة الجنّة إلا أنها لا ذنب لها، ورأيتهم يحفرون الرمل ويستخرجونها منه، ويشقون بطنها ويرمون بما فيه، ويحشونه بالكركم، وهم يسمونه زردشوبة «١٣» ، ومعناه العود الأصفر، وهو عندهم، عوض الزعفران، ولما رأيت تلك الدّويبة، وهم يأكلونها، استقذرتها فلم آكلها! ودخلنا هذه المدينة في احتدام القيظ، وحرّها شديد «١٤» ، فكان أصحابي يقعدون عريانين، يجعل أحدهم فوطة على وسطه، وفوطة على كتفيه مبلولة بالماء فما يمضي اليسير من الزمان حتى تيبس تلك الفوطة فيبلها مرة أخرى، وهكذا أبدا.

ولقيت بهذه المدينة خطيبها المعروف بالشيباني وأراني كتاب أمير المؤمنين الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لجدّه الأعلى بخطابة هذه المدينة، وهم يتوارثونها من ذلك العهد إلى الآن ونص الكتاب: هذا ما أمر به عبد الله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز لفلان

<<  <  ج: ص:  >  >>