المركبان ضرب كلّ واحد طبله وسلّم بعضهم على بعض، وأمر السلطان فخر الدين المذكور أن لا يوخذ بذلك النهر من الفقراء نول، وأن يعطي الزاد لمن لا زاد له منهم وإذا وصل الفقير إلى مدينة أعطى نصف دينار.
وبعد خمسة عشر يوما من سفرنا في النّهر كما ذكرناه وصلنا إلى مدينة سنركاوان «٣١٥» ، وسنر بضم السين المهمل والنون وسكون الراء، وهي المدينة التي قبض أهلها على الفقير شيدا عندما لجأ إليها، ولما وصلناها وجدنا بها جنكا يريد السّفر إلى بلاد الجاوة «٣١٦» ، وبينهما أربعون ويوما، فركبنا فيه، ووصلنا بعد خمسة عشر يوما إلى بلاد البرهنكار «٣١٧» ، الذين أفواههم كأفواه الكلاب، وضبطها بفتح الباء الموحدة والراء والنون والكاف وسكون الهاء، وهذه الطائفة من الهمج لا يرجعون إلى دين الهنود ولا إلى غيره، وسكناهم في بيوت قصب مسقّفة بحشيش الأرض على شاطىء البحر، وعندهم من أشجار الموز والفوفل والتنبول كثير.
ورجالهم على مثل صوّرنا الا أن أفواههم كأفواه الكلاب! وأما نساؤهم فلسن كذلك ولهن جمال بارع ورجالهم عرايا لا يستترون إلا أن الواحد منهم يجعل ذكره وأنثييه في جعبة من القصب منقوشة معلقة من بطنه، ويستتر نساؤهم بأوراق الشجر، ومعهم جماعة من المسلمين من أهل بنجالة، والجاوة ساكنون في حارة على حدة، أخبرونا أنهم يتناكحون كالبهائم لا يستترون بذلك، ويكون للرجل منهم ثلاثون امرأة فما دون ذلك أو فوقه «٣١٨» ، وأنهم لا يزنون وإذا زنا أحد منهم فحدّ الرجل أن يصلب حتى يموت! أو ياتي صاحبه أو عبده فيصلب عوضا منه ويسرح هو، وحدّ المرأة أن يامر السلطان جميع خدامه فينكحونها واحدا بعد واحد بحضرته، حتى تموت ويرمون بها في البحر! ولأجل ذلك لا يتركون أحدا