لقد عرفنا للشريف القادري بعض المبادرات المماثلة عندما طبع على ذمته" كشف الأسرار عن علم الغبار" للإمام القلصادي عام ١٣١٨ هـ- ١٩٠٠ م، وعند ما طبع كذلك على ذمّته" مختصر الشيخ خليل" في الفقه المالكي عام ١٣٢٢ هـ- ١٩٠٤ م بالمطبعة الحجرية بفاس ...
ولعلّ الشريف القادري تعذّر عليه أن يقوم بطبع رحلة ابن بطوطة في مطابع الحجر بفاس، فقام بهذه المبادرة الجرّيئة واتّصل بمصر التي ظهرت فيها هذه" الطبعة الثانية" للرحلة بمطبعة التقدّم بشارع محمد علي بالقاهرة يوم ١٣ ربيع الثاني ١٣٣٢- ١٧ يونيه ١٩٠٤ «٣» ولكن مع حذف أن الأصل هو الطبعة الباريزية كما فعلت من قبل مطبعة وادي النيل!! وقد ظهرت بالقاهرة طبعة ثالثة عام ١٩٢٨ عن المطبعة الأزهرية: جزان في مجلد واحد أشرف عليها ابن الشيخ حسن الفيومي إبراهيم ونعتها ب" الأولى" ولم تقف الرحلة في مصر عند هذا الحد، فقد رأت وزارة المعارف المصرية، على ما يؤكده المستشرق الرّوسي كراتشكوفسكي، أن دراسة الرحلة في المدارس مما يساعد أبناء مصر على توسيع مداركهم وإثراء معلوماتهم. وهكذا عهدت ١٣٥٢- عام ١٩٣٣ إلى اثنين من كبار رجال التعليم في أول هذا القرن بالاهتمام بالرحلة وإعدادها لتصبح ضمن المقررات المفروضة على طلاب المدارس الثانوية كما عهدت إلى الشيخ محمد فخر الدين بوضع خرائط لها، فكان كتاب (مهذّب رحلة ابن بطوطة «٤» ... )
ونرى من المفيد هنا أن نشير إلى النقد اللاذع الذي لقيه كتاب (مهذّب الرحلة) من لدن عدد من الباحثين كان منهم زميلنا الراحل د. حسين مؤنس الذي يقول:" وهل هناك أدلّ على الجهل بقيمة رحلة ابن بطوطة من أن تمسخ في صورة" مهذّب" يستعمل كتاب مطالعة لتلاميذ المدارس؟ ولا ندري كيف يمكن أن يهذب وصف رحلة على هذه القيمة؟ وما هي الأجزاء التي ينبغي استبعادها حتى تكون الرحلة مهذّبة «٥» ؟ " وإلى جانب هذه الطبعات المصرية وجدنا بيروت بدورها تولي اهتمامها لرحلة ابن بطوطة، وكان أول ما لفت النظر للرحلة، حسب علمنا، سلسلة" الروائع" لفؤاد أفرام البستاني في طبعتها الأولى (يونيه ١٩٢٧) حيث توالت طبعاتها فيما بعد. وقد قدمت (الروائع) ابن بطوطة عبر رحلته (تحفة النظار) في ثلاث كتيبات صغيرة ...