ولذلك رزقهما الله تعالى حسن القبول شرقًا وغربًا ثم ازداو انتشار هذا النوع من التصنيف وكثر في الأيدي وتفرقت أغراض الناس وتنوعت مقاصدهم. ولقد كان من أعظم دواوين كتب السنة وأهمها على الإطلاق: الصحيحان و"الموطأ"، والكتب الثلاثة أشهر وأعرف من أن نعرف بها ومؤلفيها, ولقد أُفْرِدت عنهم وكتبهم الثلاثة مؤلفات مستقلة، فضلا عمَّا أفرده كثير من المحققين في مقدمات مصنفات لها علاقة وصلة من قريب أو بعيد بأحد الكتب الثلاثة، من ذلك ما أفردناه في مقدمة تحقيقنا لـ "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" معيَّة شيخنا الفاضل خالد الرباط - حفظه الله - فقد أفردنا فصلاً مستقلًا كاملًا عن الإِمام البخاري وكتابه "الجامع الصحيح".
ولما كان سلفنا وعلماؤنا السابقون على دراية وعلم كامل بأهمية الكتب الثلاثة أولوها اْهتمامًا كبيرًا بالغًا، خاصة "صحيح البخاري"، فلا يحصى كم شارح لها ومختصر، ومستدركٍ عليها ومقتصر، ومعارضٍ لها ومنتصر، ومفسر لغريبها وضابط لألفاظها ومترجم لرجالها، وما إلى هذا. وكان من أعظم الاهتمامات بهذِه الكتب ضبط ألفاظها وتفسير غريبها وذكر وعرض اختلاف رواتها والترجيح بينها، وما إلى هذا.
وأول مصنف مستقل وكتاب ألف - فيما علمت - في هذا الباب كتاب "مشارق الأنوار" للقاضي عياض بن موسى اليحصبي - رحمه الله - حيث تيمم الكتب الثلاثة الأمَّات: الصحيحين و"الموطأ" وعمل عليها كتابه، وقد ذكر في مقدمة كتابه خطته في الكتاب ومجمل عمله، فقال:
(.. فبحسب هذِه الإشكالات والإهمالات في بعض الأمهات واتفاق بيان ما يسمح به الذكر ويقتدحه الفكر مع الأصحاب في مجالس السماع