للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة} [الأحزاب: ٦٠]، هم الذين يخوضون في أمر الفتن ويشيعون أمر العدو تخويفًا للمسلمين.

قوله في الروثة: "إِنَّهَا رِجْسٌ" أي: قذر، وفي رواية: "إِنَّهَا رِكسٌ" (١) والمعنى واحد، أي: قد أركست في النجاسة بعد الطهارة، وقد رواه القابسي في باب الاستنجاء بالجيم، وقد جاء الرجس بمعنى المأثم والكفر والشك وهو قوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٥]، وقيل نحوه في قوله تعالى: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم} [الأحزاب: ٣٣] من جميع هذه الخبائث، وقد تجيء بمعنى العذاب أو العمل الذي يوجبه، قال الله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس: ١٠٠]. وقيل: بمعنى: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة.

قوله: "إِلَّا رَجَاءَ أَنْ كُونَ مِنْ أَهْلِهَا" (٢) ممدود، قال في "الجمهرة" (٣): فعلت رجاء كذا ورجاءة كذا، بمعنى: طمعي فيه وأملي، ويكون أيضًا الرجاء كذلك ممدود بمعنى: الخوف، ومنه في الحديث: "إِنَّا لَنَرْجُو - أَوْ نَخَافُ- أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا" (٤)، قال الله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣]، أي: لا تخافون له عظمة، {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: ١١٠] أي: يخاف. يقال في الأمل: رجوت ورجيت، وفي الخوف بالواو لا غير. قال بعضهم: إذا استعملته العرب في الخوف ألزمته (لا) حرف النفي ولم تستعمله مفردًا إلَّا في الأمل والطمع وفي ضمنه الخوف، إلَّا أن


(١) البخاري (١٥٦).
(٢) مسلم (١٩٠١) من قول عمير بن الحمام الأنصاري، وفيه: "إِلَّا رَجَاءَةَ".
(٣) "جمهرة اللغة" ٢/ ١٠٤٠.
(٤) البخاري (٥٤٩٨) من حديث رافع بن خديج.

<<  <  ج: ص:  >  >>