للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث العزل: "مَا عَلَيْكُمْ أَلّا تَفْعَلُوا" (١) قال غير واحد: هي للإباحة، معناه: اعزلوا، أي لا بأس عليهم أن يعزلوا. قال المبرد (٢): معناه: ما عليكم أن تعزلوا. والبأس هاهنا: الإثم والحرج، و"لا" بعد "أن": للطرح. وقال الحسن البصري في كتاب مسلم: "كَأَنَّ هَذَا الكَلَامَ زَجْرٌ" (٣)، وقال ابن سيرين: "لَا عَلَيْكُمْ: أَقْرَبُ إِلَى النَّهْي مِنْهُ إلى الإِباحَة" (٤).

وفي "الموطأ" في كتاب الجامع منه: "لَا تُخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ" كذا ليحيى (٥) وأكثر الرواة، على النهي، وعند ابن قعنب وابن بكير ومن وافقهما: "أَلَا تُخْبِرُنَا" على العرض، والجواب محذوف تقديره: ألا تخبرنا فنمتثل أو نتبع أو ننزجر أو نتعظ ونحو ذلك، ثم حذف لدلالة الكلام عليه.

وأما الوجه الأول بلفظ النهي على ما رواه يحيى ومن وافقه، فيحتمل أن يكون الناهي عن ذلك منافقًا، ويحتمل أن يقول ذلك رجل مؤمن مشفق على المسلمين؛ لئلا يتكلوا فيقتصروا على توقي شرِّ هاتين الثنتين المذكورتين،


(١) "الموطأ" ٢/ ٥٩٤، البخاري (٢٥٤٢، ٤١٣٨، ٧٤٠٩)، ومسلم (١٤٣٨) وعنده: "لَا عَلَيْكُمْ".
(٢) محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمرو بن حسان، ويقال: بن الحارث بن مالك الثمالي أبو العباس المبرد، البصري اللغوي مشهور، وثقه الخطيب وجماعة، كان إسماعيل القاضي يقول ما رأى المبرد مثل نفسه. توفي سنة خمس وثمانين ومائتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ٣/ ٣٨٠، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٥٧٦.
(٣) مسلم (١٤٣٨/ ١٣١).
(٤) مسلم (١٤٣٨/ ١٣٠).
(٥) "الموطأ" ٢/ ٩٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>