للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لأبي زرعة: من رأيت من المشايخ المحدّثين أحفظ؟ قال: أحمد ابن حنبل، حزر كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغ اثني عشر حملا وعدلا، ما على ظهر كتاب منها حديث فلان، ولا في بطنه حدثنا فلان، وكل ذلك كان يحفظه من ظهر قلبه.

وروي عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل إمام الحفاظ أنه قال: إذا جاء الحديث في فضائل الأعمال وثوابها وترغيبها تساهلنا في إسناده، وإذا جاء الحديث في الحدود، والكفّارات، والفرائض، تشددنا فيه.

وقال إبراهيم بن شمّاس: خاض النّاس فقالوا: إن وقع أمر في أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- فمن الحجّة على وجه الأرض، فاتفقوا كلهم على أن أحمد بن حنبل حجّة [١] . انتهى ما قاله في «الكمال» ملخصا.

وقال ابن الأهدل: كان أحمد من خواص أصحاب الشافعي، وكان الشافعيّ يأتيه إلى منزله، فعوتب في ذلك فأنشد:

قالوا يزورك أحمد وتزوره ... قلت الفضائل لا تفارق منزله

إن زارني فبفضله أو زرته ... فلفضله فالفضل في الحالين له [٢]

رضي الله عنهما.

وكان أحمد يحفظ ألف ألف حديث.

قال الرّبيع: كتب إليه الشّافعيّ من مصر، فلما قرأ الكتاب بكى، فسألته عن ذلك فقال: إنه يذكر أنه رأى النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- وقال: «اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السّلام وقل له: إنك ستمتحن على القول بخلق القرآن فلا تجبهم، نرفع لك علما إلى يوم القيامة» .

قال الربيع: فقلت له: البشارة، فخلع عليّ قميصه وأخذت جوابه، فلما


[١] في المطبوع: «حجته» .
[٢] البيتان في «غربال الزمان» لليافعي ص (٢٢٤) ولم أجدهما في «ديوانه» المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>