للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلة المنادمة شيئا كثيرا، مثل علم الجوارح والبيطرة، وشيء من الطب والنجوم والأشربة، وغير ذلك وله شعر [١] يجمع إتقان العلماء وإحسان ظرفاء الشعر، وله المصنفات المستملحة، منها: كتاب «الأغاني» الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله، يقال: إنه جمعه في خمسين سنة، وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان، فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه.

وحكي عن الصاحب بن عبّاد أنه كان في أسفاره يستصحب حمل ثلاثين جملا من كتب الأدب ليطالعها، فلما وصل إليه كتاب «الأغاني» لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه، استغناء به عنها.

وكان منقطعا إلى الوزير المهلّبي، وله فيه مدائح، منها قوله فيه:

ولما انتجعنا لائذين بظله ... أعان وما عنّى ومن وما منا

وردنا عليه مقترين فراشنا ... وردنا نداه مجدبين فأخصبنا

وكان قد خلّط قبل أن يموت، رحمه الله تعالى. انتهى ما أورده ابن خلّكان مختصرا.

وفيها سيف الدولة، علي بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التّغلبيّ الجزريّ، صاحب الشام، بحلب، في صفر، وله بضع وخمسون سنة. وكان بطلا شجاعا، كثير الجهاد، جيد الرأي، عارفا بالأدب والشعر، جوّادا، ممدّحا. مات بالفالج، وقيل: بعسر البول، وكان قد جمع من الغبار الذي أصابه في الغزوات ما جاء منه لبنة بقدر الكف، وأوصى أن يوضع خدّه إذا دفن عليها، وتملّك بعده ابنه سعد الدولة خمسا وعشرين سنة.

وبعده ولده أبو الفضل، وبموته انقرض ملك بني سيف الدولة.


(١١/ ٣٩٩) .
[١] لفظة «شعر» سقطت من الأصل وأثبتها من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>