للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلم، وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله، لا قبله ولا بعده.

قال في كتاب «الإبانة» تصنيفه: فإن قال قائل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل له: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ٥٥: ٢٧ [الرّحمن: ٢٧] وقوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ٣٨: ٧٥ [ص: ٧٥] فأثبت لنفسه وجها ويدا، فإن قال: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة؟ قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب إذا لم نعقل حيّا عالما قادرا إلّا جسما أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه وتعالى، وكما لا يجب في كل شيء كان قائما بذاته أن يكون جوهرا لأنّا وإيّاكم لا نجد قائما بنفسه في شاهدنا إلّا كذلك، وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه، وحياته، وسمعه، وبصره، وسائر صفاته، عرضا، واعتلوا بالوجود.

قال: فإن قال: فهل تقولون: إنه في كل مكان؟ قيل له: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ٢٠: ٥ [طه: ٥] وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ٣٥: ١٠ [فاطر: ١٠] وقال تعالى: أَأَمِنْتُمْ من في السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ٦٧: ١٦ [الملك: ١٦] أَمْ أَمِنْتُمْ من في السَّماءِ ٦٧: ١٧ [المُلك: ١٧] قال: ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش [١] والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة وينقص ينقصانها. انتهى ملخصا، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.

وفيها أبو بكر الخوارزمي [٢] محمد بن موسى شيخ الحنفية، ومن انتهت إليه رئاسة المذهب في الآفاق. أخذ عن أبي بكر أحمد بن علي


[١] جمع «حش» وهو المخرج. انظر «القاموس المحيط» و «المختار الصحاح» : (حشش) .
[٢] انظر «العبر» (٣/ ٨٨- ٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>