للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتاز بطريقه بمعرّة النّعمان، وكان قاصدا مصر، وبالمعرّة يومئذ أبو العلاء، فأضافه، وفي ذلك يقول من أبيات [١] :

والمالكيّ ابن نصر زار في سفر ... بلادنا فحمدنا النأي والسّفرا

إذا تفقّه أحيا مالكا جدلا ... وينشر الملك الضّليل إن شعرا

ثم توجه إلى مصر، فحمل لواءها وملأ أرضها وسماءها واستتبع [٢] ساداتها وكبراءها، وتناهت إليه الغرائب، وانثالت في يديه الرغائب، فمات الأول ما وصلها من أكلة اشتهاها فأكلها، وزعموا أنه قال وهو يتقلب [٣] ونفسه تتصعد وتتصوب [٤] : لا إله إلا الله، إذا عشنا متنا.

وله أشعار رائقة ظريفة فمن ذلك قوله:

ونائمة قبّلتها فتنبهت ... فقالت: تعالوا فاطلبوا اللصّ بالحدّ

فقلت لها: إنّي فديتك غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الردّ

خذيها وكفّي [٥] عن أثيم ظلامة [٦] ... وإن أنت لم ترضي فألفا على العدّ

فقالت: قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني [٧] ألذّ من الشهد

فباتت يميني وهي هميان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد

فقالت: ألم أخبر بأنّك زاهدا ... فقلت: بلى ما زلت أزهد في الزهد

وكانت ولادته ببغداد يوم الخميس سابع شوال سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وتوفي ليلة الاثنين رابع عشر صفر بمصر، ودفن بالقرافة الصغرى،


[١] انظر «شروح سقط الزند» لأبي العلاء ص (١٧٤٠) .
[٢] في «آ» و «ط» : «وأمتع» والتصحيح من «الذخيرة» و «وفيات الأعيان» .
[٣] في «الذخيرة» : «وهو يقلّب» .
[٤] في «الذخيرة» ، «وتصوّب» وفي «وفيات الأعيان» : «ويتصوب» .
[٥] في رواية «الذخيرة» : «وحطي» .
[٦] في «آ» : «ملامة» وأثبت لفظ «ط» و «الذخيرة» و «وفيات الأعيان» .
[٧] في رواية «الذخيرة» : «على المذنب الجاني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>