للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشبيلية واسمها في بلادهم حمص، فأبطأ عنه وبلغه أن المعتمد ما احتفل به فقال:

نبّه الرّكب الهجوعا ... ولم الدّهر الفجوعا

حمص الجنّة قالت ... لغلامي لا رجوعا

رحم الله غلامي ... مات في الجنّة جوعا

وقد التزم في هذه الأبيات لزوم ما لا يلزم، رحمه الله تعالى.

وفيها المعتمد على الله، أبو القاسم محمد بن المعتضد عبّاد بن القاضي محمد بن إسماعيل اللّخمي الأندلسي، صاحب الأندلس. كان ملكا جليلا، وعالما ذكيا، وشاعرا محسنا، وبطلا شجاعا، وجوادا ممدّحا. كان بابه محطّ الرّحال، وكعبة الآمال، وشعره في الذروة العليا، ملك من الأندلس، من المدائن، والحصون، والمعاقل مائة وثلاثين سورا [١] ، وبقي في المملكة نيفا وعشرين سنة، وقبض عليه أمير المسلمين ابن تاشفين، لما قهره، وغلب على ممالكه، وسجنه بأغمات، حتّى مات في شوال بعد أربع سنين من زوال ملكه [٢] ، وخلع من ملكه عن ثمانمائة سرّيّة، ومائة وسبعين ولدا [٣] ، وكان راتبه في اليوم ثمانمائة رطل لحم. قاله جميعه في «العبر» [٤] .

وقال ابن خلّكان [٥] : جعل خواص الأمير يوسف بن تاشفين يعظّمون عنده بلاد الأندلس- لأنهم كانوا بمراكش، وهي بلاد بربر وأجلاف العربان- فجعلوا يحسّنون له أخذ الأندلس، ويوغرون [٦] قلبه على المعتمد بأشياء


[١] في «العبر» : «مسورا» .
[٢] في «آ» و «ط» : «بعد أربع وستين سنة» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» مصدر المؤلف.
[٣] في «العبر» : «ومائة وثلاثة وسبعين ولدا» (ع) .
[٤] (٣/ ٣٢٣- ٣٢٤) .
[٥] انظر «وفيات الأعيان» (٥/ ٣٠) .
[٦] تحرّفت في «وفيات الأعيان» إلى «ويغرون» فتصحح فيه. جاء في «لسان العرب» (وغر) :
وغر صدره عليه ... إذا امتلأ غيظا وحقدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>