للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنفخ في الصور هول ما حكاه سوى ... أني رأيتك فيه تنفخ الفحما

وددت إذ نظرت [١] عيني إليك به ... لو أن عيني تشكوا قبل ذاك عمى

ما حطّك الدّهر لما حطّ عن شرف ... ولا تحيّف من أخلاقك الكرما

لح في العلا كوكبا إن لم تلح قمرا ... وقم بها ربوة إن لم تقم علما

والله لو أنصفتك الشهب لانكسفت ... ولو وفي لك دمع العين لانسجما

أبكى حديثك حتّى الدّهر حين غدا ... يحكيك رهطا وألفاظا ومبتسما

ويكفي هذا المقدار، ولولا خوف الإطالة لبيّضت الليالي بلآلئ نظامه، ولسوّدت سطور الطّروس بمصابه ونكبة أيامه، فرحمة الله عليه، وعوّضه بنعيم الفردوس لديه.

وفيها محمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدبّاس، آخر من روى «الترمذي» عن الجراحي، توفي ببغشور [٢] في ذي القعدة، وكان من الفقهاء.

وفيها قاضي القضاة الشامي [٣] أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الحموي الشافعي. كان من أزهد القضاة، وأورعهم، وأتقاهم لله، وأعرفهم بالمذهب.

ولد بحماة سنة أربعمائة، وسمع ببغداد من عثمان بن دوست وطائفة، وولي بعد أبي عبد الله الدامغاني، وكان من أصحاب القاضي أبي الطيّب الطبري. لم يأخذ على القضاء رزقا، ولا غيّر ملبسه. ولي القضاء سنة ثمان وسبعين، بعد ما امتنع، فألحوا عليه، فاشترط عليهم أن لا يأخذ عليه معلوما،


[١] في «آ» و «ط» : «أن نظرت» وأثبت لفظ «وفيات الأعيان» .
[٢] في «آ» و «ط» : «ببشفور» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (٣/ ٣٢٤) و «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ٦) .
[٣] تحرّفت في «آ» و «ط» إلى «المشامي» والتصحيح من «العبر» (٣/ ٣٢٤) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (١/ ٢٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>