قيل: كان ملكا وقيل بشرا وهو الصحيح، ثم قيل: إنه عبد صالح ليس بنبيّ وقيل: بل نبيّ هو الصحيح. والصحيح عندنا أنه حيّ، وأنه يجوز أن يقف على باب أحدنا مستعطيا له، أو غير ذلك.
وقال ابن الجوزي: أنشدنا لنفسه:
يلذّ بهذا العيش من ليس يعقل ... ويزهد فيه الألمعيّ المحصّل
ما عجب نفس أن ترى الرأي إنما ال ... عجيبة نفس مقتضى الرأي تفعل
إلى الله أشكو همّة دنيوية ... ترى النصّ إلّا أنها تتأوّل
ينهنهها موت الشباب فترعوي ... ويخدعها روح الحياة فتغفل
وفي كل جزء ينقضي من زمانها ... من الجسم جزء مثله يتحلل
فنفس الفتى في سهوها وهي تنقضي ... وجسم الفتى في شغله وهو يعمل
قال: وأنشدنا لنفسه:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ... وأراه أسهل ما عليك يضيع
قال: وأنشدنا لنفسه أيضا:
الحمد لله هذا العين لا الأثر ... فما الذي باتّباع الحقّ ينتظر
وقت يفوت وأشغال معوّقة ... وضعف عزم ودار شأنها الغير
والنّاس ركضى إلى مهوى مصارعهم ... وليس عندهم من ركضهم خبر
تسعى بها خادعات من سلامتهم ... فيبلغون إلى المهوى وما شعروا
والجهل أصل فساد النّاس كلهم ... والجهل أصل عليه يخلق البشر
وإنما العلم عن ذي الرشد يطرحه ... كما عن الطفل يوما تطرح السّرر
وأصعب الداء داء لا يحس به ... كالدّقّ يضعف حسّا وهو يستعر
وإنما لم يحسّ المرء موقعها [١] ... لأن أجزاءه قد عمّها الضرر
[١] في «آ» و «ط» : «وإنما لم تحس النفس موبقها» وأثبت لفظ «ذيل طبقات الحنابلة» .