قال ابن الحنبلي: وما تزوّج ولا تسرى، ولا ركب بغلة ولا فرسا، ولا ملك مملوكا، ولا لبس الثياب الفاخرة إلّا لباس التقوى، وكان أكثر طعامه يشرب في قدح ماء الباقلّاء.
وكان إذا فتح عليه بشيء فرّقه بين أصحابه.
وكان لا يتكلم في الأصول، ويكره من يتكلم فيه، سليم الاعتقاد، صحيح الانتقاد في الأدلة الفروعية.
وقال ابن رجب:(صرف همته طول عمره إلى الفقه أصولا وفروعا، مذهبا وخلافا، واشتغالا وإشغالا ومناظرة، وتصدّر للدرس والاشتغال [١] والإفادة وطال عمره وبعد صيته، وقصده الطلبة من البلاد، وشدت إليه الرّحال في طلب الفقه، وتخرّج به أئمة كثير، منهم: ابن الجوزي، وفقهاء الحنابلة اليوم في سائر البلاد يرجعون إليه وإلى أصحابه) لأن فقهاء زماننا إنما يرجعون في الفقه من جهة [الشيوخ و] الكتب إلى الشيخين: موفق الدّين المقدسي، ومجد الدّين بن تيمية الحرّاني.
فأما الشيخ الموفق فهو تلميذ ابن المنّي، وعنه أخذ الفقه.
وأما ابن تيمية، فهو تلميذ تلميذه أبي بكر بن الحلاوي.
وكان مرض ابن المنّي الإسهال، وذلك من تمام السعادة، لأن مرض البطن شهادة، وتوفي به يوم السبت رابع شهر رمضان، ودفن يوم الأحد، ونودي في النّاس بموته، فانثال من الخلائق والأمم عدد لا يحصى، وازدحم الناس، وخيف من الفتن فنفّذ الولاة الأجناد والأتراك بالسلاح، ومات عن اثنتين وثمانين سنة، ولم يخلّف مثله.
[١] في «ط» : «والإشغال» وما بين القوسين لم أره في «ذيل طبقات الحنابلة» الذي بين يدي.