للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنصرانيّ عابر على الجسر ومعه بغل عليه حمل خمر، فعثر البغل على الطريق ووقع الحمل على الطريق وليس في الطريق أحد، فصعد الشيخ وصاح بي: يا فقيه تعال، فجئت، فقال: عاوني، فعاونته حتّى حمّل الحمل على البغل، وذهب النصراني، فقلت في نفسي: مثل الشيخ يفعل هذا! ثم مشيت خلف البغل إلى العقيبة، فجاء إلى دكان الخمّار وحطّ الحمل وفتح الظروف، فإذا هي قد صارت خلّا، فقال الخمّار: ويحك هذا خلّ، فبكى وقال:

والله ما كانت إلّا خمرا [١] ، وإنما أنا أعرف العلّة، ثم ربط البغل في الحال وصعد إلى الجبل إلى عند الشيخ فدخل عليه وقال: يا سيدي أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصار فقيرا من فقرائه.

ولما قدم الشيخ حمص للغزاة قدّم له [٢] الملك المجاهد أسد الدّين حصانا من خيله، فركبه الشيخ ودخل في العدو، فعمل العجائب، وما قامت غزاة بالشام قطّ إلّا حضرها.

ولما كان يوم الجمعة في عشر ذي الحجّة، صلى الصبح بجامع بعلبك، واغتسل قبل صلاة الجمعة. وجاء داود المؤذن وكان يغسّل الموتى، فقال: ويحك يا داود، أنظر كيف تكون غدا؟ فما فهم داود، وقال: يا سيدي غدا نكون في خفارتك، وصعد الشيخ إلى المغارة، وكان قد أمر الفقراء أن يقطعوا صخرة عند اللّوزة التي كان ينام بجانبها، فقطعوها، فأصبح الشيخ، فصلى الصبح، وصعد إلى الخصرة والفقراء يتممون قطعها والسّبحة في يده، فطلعت الشمس وقد فرغوا منها والشيخ نائم والسّبحة في يده، فجاء خادم من القلعة في شغل فرآه قاعدا نائما، فما تجاسر أن يوقظه، فطال عليه ذلك، فقال: يا عبد الصمد! ما أقدر أقعد أكثر من هذا، فتقدم وقال: يا سيدي فما تكلّم فحركه، فإذا هو ميت، فارتفع الصياح، وجاء صاحب بعلبك فرآه على


[١] أقول: هذا من المبالغات التي لا سند لها. (ع) .
[٢] لفظة «له» لم ترد في «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>