للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه القصيدة من أحسن الشعر، وهي عندي خير من قصيدة ابن عمّار الأندلسي التي أولها:

أدر الزّجاجة فالنّسيم قد انبرى [١] ...

فلما وقف عليها الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال [٢] :

هجوت الأكابر في جلّق ... ورعت الوضيع بسبّ الرّفيع

وأخرجت منها ولكنّني ... رجعت على رغم أنف الجميع

وكان له في عمل الألغاز وحلّها اليد الطّولى، ومتى كتب إليه شيء منها حلّه في وقته، وكتب الجواب أحسن من السؤال نظما، ولم يكن له غرض في جمع شعره، فلهذا لم يدوّنه، فهو يوجد مقاطيع بأيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديوانا صغيرا لا يبلغ عشر ما له من النظم [٣] ، ومع هذا ففيه أشياء ليست له، وكان من أظرف الناس وأخفّهم روحا، وأحسنهم مجونا، وله بيت عجيب من جملة قصيدة يصف فيها توجهه إلى المشرق وهو [٤] :

أشقّق قلب الشّرق حتّى كأنّني ... أفتّش في سودائه عن سنا الفجر


[١] صدر بيت له، عجزه:
... والنّجم قد صرف العنان عن السّرى
وقد تقدم البيت في المجلد الخامس صفحة (٣٣٥) .
[٢] انظر «ديوانه» ص (٩٤) .
[٣] وهو الذي بين يدي، وقد قام بتحقيقه الأستاذ خليل مردم بك في دمشق سنة ١٣٦٥ هـ- ١٩٤٦ م معتمدا على عدد كبير من النسخ الخطية، وأضاف إليه مستدركا صغيرا في آخره.
[٤] انظر «ديوانه» ص (٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>