للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصد بالزيارة من الخاصّ والعام، حتى إن الملك الكامل كان ينزل لزيارته.

وسأله أن يعمل له قبرا عند قبره بالقبّة التي بناها على ضريح الإمام الشافعي فأبى، وكان جميلا، نبيلا، حسن الهيئة والملبس، حسن الصحبة والعشرة، رقيق الطبع، عذب المنهل والنبع، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، سلس القياد، بديع الإصدار والإيراد، سخيّا، جوادا، توجه يوما إلى جامع عمرو، فلقيه بعض المكّارية، فقال: اركب معي على الفتوح، فمرّ به بعض الأمراء، فأعطاه مائة دينار، فدفعها للمكّاري. وكان أيام النيل يتردد إلى المسجد المعروف بالمشتهى في الرّوضة، ويحبّ مشاهدة البحر مساء، فتوجّه إليه يوما، فسمع قصّارا يقصر ويقول:

قطّع قلبي هذا المقطع ... لا هو يصفو أو يتقطّع

فصرخ وسقط مغمى عليه، فصار يفيق ويردد ذلك ويضطرب، ثم يغمى عليه، وهكذا. وكان يواصل أربعينيات فاشتهى هريسة فأحضرها، ورفع لقمة إلى فيه، فانشقّ الجدار، وخرج شاب جميل [١] فقال: أف عليك، فقال: إن أكلتها، ثم طرحها وأدّب نفسه بزيادة عشر ليال.

ورأى المصطفى صلى الله عليه وسلّم في نومه فقال: «إلى من تنتسب» ؟ فقال:

يا رسول الله! إلى بني سعد قبيلة حليمة، فقال: «بل نسبك متّصل بي» يعني نسبة محبة وتبعية.

ومن خوارقه العجيبة أنّه رأى جملا لسقاء، فكلف به وهام، وصار يأتيه كل يوم ليراه، وناهيك ب «ديوانه» الذي اعترف به [٢] الموافق والمخالف، والمعادي والمحالف. سيما القصيدة التائية [٣] . وقد اعتنى بشرحها جمع من


[١] أقول: هذا من المبالغات التي لا دليل عليها. (ع) .
[٢] لفظة «به» سقطت من «آ» .
[٣] هي في «ديوانه» ص (٤٦- ١١٦) طبع دار صادر ببيروت، ومطلعها:
سقتني حميّا الحبّ راحة مقلتي ... وكأسي محيّا من عن الحسن جلّت

<<  <  ج: ص:  >  >>