للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهن فيغنّين له بالدّف والشبابة، وهو يرقص ويتواجد، ولكل قوم مشرب، ولكلّ مطلب. وليس سماع الفسّاق كسماع سلطان العشّاق [١] . ولم يزل على حاله راقيا في سماء كماله، حتى احتضر، فسأل الله أن يحضره في ذلك الهول العظيم جماعة من الأولياء، فحضره جماعة، منهم: البرهان الجعبري، فقال- فيما حكاه سبط صاحب الترجمة-: رأى الجنّة مثلت له، فبكى وتغيّر لونه، ثم قال:

إن كان منزلتي في الحبّ عندكم ... ما قد رأيت فقد ضيّعت أيّامي [٢]

قال: فقلت له: يا سيدي! هذا مقام كريم. فقال: يا إبراهيم رابعة [٣] وهي امرأة تقول: وعزّتك ما عبدتك رغبة في جنّتك، بل لمحبّتك، وليس هذا ما قطعت عمري في السلوك إليه، فسمعت قائلا يقول له: فما تروم فقال:

أروم وقد طال المدى منك نظرة

[٤] البيت [٥] .

فتهلل وجهه وقضى نحبه، فقلت: إنه أعطي مرامه. انتهى.

وقد شنّع عليه بذلك المنكرون.


[١] قلت: بل كل ذلك سواء، فقد صحّ عنه- صلى الله عليه وسلّم- قوله: «ما أسكر قليله فكثيره حرام» وليس هذا الرقص والتواجد من صنيع المسلمين المتمسكين بتعاليم كتاب الله عزّ وجل وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم، ولم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا صحابته الكرام، ولا التابعون، ولا الأئمة الأربعة ولا المتقدمون من أتباعهم، وإنما ابتدعه نفر من متأخري الصوفية عن جهل وقلة فهم لأحكام وتعاليم الشرع الحنيف، نسأل الله العفو والعافية والتثبيت على النهج المستقيم بفضله وكرمه ورحمته.
[٢] البيت في «ديوانه» ص (٢٠٧) .
[٣] يعني رابعة العدوية.
[٤] وعجزه:
وكم من دماء دون مرماي طلّت
[٥] وهو في «ديوانه» ص (٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>