للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو المظفّر [١] : لما صعدت [٢] إلى خلاط اجتمعت معه في منظرة، فقال: والله ما مددت عيني إلى حريم أحد قطّ، لا ذكر ولا أنثى، ولقد كنت يوما قاعدا هاهنا، فقال الخادم: على الباب عجوز تستأذن من عند بنت شاه أرمن صاحب خلاط سابقا، فأذنت لها، فناولتني ورقة تذكر أن الحاجب عليا قد قصدها وأخذ ضيعها، وقصد هلاكها، وتخاف منه أن تخرج، فكتبت على الورقة بإطلاق الضيعة، ونهي الحاجب عنها، فقالت العجوز: هي تسأل الإذن بالحضور [بين يديك] فلها سرّ تذكره للسلطان، فقلت: بسم الله، فغابت ساعة ثم جاءت ومعها امرأة ما يمكن في الدنيا أحسن من قدّها، ولا أظرف من شكلها، كأن الشمس تحت نقابها، فحذمت [٣] ووقفت، فقمت لها، لكونها بنت شاه، فسفرت عن وجهها، فأضاءت منه المنظرة، فقلت: غطّي وجهك واذكري حاجتك، فقالت: مات أبي واستوليتم على البلاد، ولي ضيعة أعيش منها، أخذها الحاجب مني، وما أعيش إلّا من عمل النقش، وأنا ساكنة في دور الكراء. قال: فبكيت وأمرت لها [من الخزانة] بقماش وسكن يصلح لها، وقلت: بسم الله في حفظ الله، وودّعته [٤] ، فقالت العجوز: ما جاءت إلّا لتحظى بك الليلة. قال: فأوقع الله في قلبي تغيّر الزّمان، وتملّك غيري، وتحتاج بنتي [٥] أن تقعد مثل هذه القعدة، فقلت: يا عجوز! معاذ الله، والله ما هو من شيمتي، ولا خلوت بغير محارمي، خذيها وانصرفي،


[١] انظر «مرآة الزمان» (٨/ ٤٧٠- ٤٧١) وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرف وما بين الحاصرتين في السياق زيادة منه.
[٢] في «آ» و «ط» و «المنتخب» (١٦١/ آ) : «ولما صعد» والتصحيح من «مرآة الزمان» مصدر المؤلف.
[٣] في «آ» و «ط» و «المنتخب» : «فخدمت» والتصحيح من «مرآة الزمان» .
[٤] في «آ» و «ط» : «ودعته» بإسقاط الواو الأولى والتصحيح من «المنتخب» (١٦١/ آ) .
[٥] في «آ» و «ط» و «المنتخب» (١٦١/ آ) : «بنيّ» وما أثبته من «مرآة الزمان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>