للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي العزيزة الكريمة، ومهما كان لها من الحوائج فهذا الخادم تنفذ إليه، فقامت وهي تبكي وتقول بالأرمنية: صان الله حريمك، [قال:] فلما خرجت، قالت لي النفس: في الحلال مندوحة عن الحرام، تزوجها، فقلت للنفس:

يا خبيثة: أين الحياء والكرم والمروءة؟ والله لا فعلته أبدا.

وقدم عليه النظام بن أبي الحديد ومعه نعل النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- فقام له قائما، ونزل فأخذ النّعل ووضعه على عينيه وبكى، وأجرى على النظام النفقات، وأراد أن يأخذ منه قطعة تكون عنده، ثم رجع وقال: ربما يجيء بعدي من يفعل مثل فعلي فيتسلسل الحال ويؤدي إلى استئصاله فتركه، ومات النظام بعد مدة وأوصى له بالنّعل، فلما فتح دمشق اشترى دار قايماز النجمي وجعلها دار حديث، وترك النّعل بها، وبنى مسجد أبي الدّرداء بقلعة دمشق، والمسجد الذي عند باب النصر، وخان الزّنجاري وهو جامع العقيبة، ومسجد القصب خارج باب السلاح، وجامع جرّاح، وجامع بيت الأنبار، وجامع حرستا، وزاد وقف دار الحديث النّوريّة، والتربة التي بالكلّاسة، وكان حسن الظنّ بالفقراء. وكان له في بستانه الذي بالنّيرب أماكن مشهورة مزخرفة، مثل صفة بقراط وغيرها يخلو بها، وأباح لأهل دمشق الفرجة بها تطييبا لقلوب الرّعية.

ومن شعره يخاطب الخليفة الناصر:

العبد موسى ذو الضّراعة طوره ... بغداد آنس عندها نار الهدى [١]

عبد أعدّ لدى الإله وسيلة ... دنيا ودينا أحمدا ومحمّدا

هذا يقوم بنصره في هذه ... عند الخطوب وذاك شافعه غدا


[١] رواية البيت في «تاريخ الإسلام» :
العبد موسى طوره لمّا غدا ... بغداد آنس عندها نار الهدى

<<  <  ج: ص:  >  >>