للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا صريح بالاجتهاد المطلق، كيف لا وقد قال: عرضت أحاديثه- صلى الله عليه وسلم جميعها عليه، فكان يقول عن أحاديث: صحّت من جهة الصناعة ما قلتها، وعن أحاديث ضعفت من جهتها قلتها، وإذا لم يكن مجتهدا فليس لله مجتهد.

إن لم تره فهذه آثاره

هذا وما نقم عليه أحد فيما أعلم بغير ما فهمه من كلامه من الحلول أو الاتحاد، وما تفرّع عليهما من كفر أو إلحاد، وساحته النزهة منهما، وشأوه أبعد شأوا عنهما، وكلامه بنفسه يشهد بهذا.

خلي افتراك فذاك خلي لا ذا

قال في «فتوحاته المكية» التي هي قرة عين السادة الصوفية، في الباب الثاني والتسعين ومائتين: من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلا أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إليه بذاتها، وإنما كان القمر محلا لها، كذلك [١] العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حلّ فيه.

وقال أيضا فيها في الباب الثامن والسبعين، كما نقله عنه الشعراني في كتابه «اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر» : إن الله تعالى لم [٢] يوجد العالم لافتقاره إليه، وإنما الأسباب في حال عدمها الإمكاني لها طلبت وجودها ممن هي مفتقرة إليه بالذات، وهو الله تعالى، لا تعرف غيره، فلما طلبت بفقرها الذاتي من الله تعالى أن يوجدها، قبل الحقّ سؤالها، لا من حاجة قامت به إليها، لأنها كانت مشهودة له تعالى في حال عدمها النّسبي كما


[١] في «ط» : «فلذلك» .
[٢] لفظة «لم» لم ترد في «آ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>