للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي مشهودة له في حال وجودها سواء، فهو يدركها- سبحانه- على ما هي عليه في حقائقها حال وجودها وعدمها، بإدراك واحد، فلهذا لم يكن إيجاده للأشياء عن فقر، بخلاف العبد، فإن الحقّ تعالى لو أعطاه جزء «كن» وأراد إيجاد شيء لا يوجده إلّا عن فقر إليه وحاجة، فما طلب العبد إلّا ما ليس عنده، فقد افترق إيجاد العبد عن إيجاد الحقّ تعالى، قال: وهذه مسألة لو ذهبت عينك جزاء لتحصيلها لكان قليلا في حقّها، فإنها مزلّة قدم، زلّ فيها كثير من أهل الله تعالى، والتحقوا فيها بمن ذمّهم الله تعالى في قوله: لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ ٣: ١٨١ [آل عمران: ١٨١] [١] انتهى. فإن قلت: قد نقل بعضهم عن الشيخ أنه كان ينشد:

الكلّ مفتقر ما الكلّ مستغني ... هذا هو الحقّ قد قلنا ولا نكني [٢]

فالجواب: إن هذا ومثله من المدسوس عليه في كتاب «الفصوص» وغيره، فإن هذا يكذّبه الناقل عنه خلاف ذلك. انتهى كلام الشعراني.

توفي- رحمه الله ورضي عنه- في الثاني والعشرين من ربيع الآخر بدمشق، في دار القاضي محيي الدّين بن الزّكي، وحمل إلى قاسيون فدفن في تربته المعلومة الشريفة، التي هي قطعة من رياض الجنّة، والله تعالى أعلم.

وفيها أمين الدّين أبو بكر وأبو عبد الله، أحمد بن محمد بن طلحة بن الحسن بن طلحة بن حسّان البصري الأصل البغدادي المصري [٣] الفقيه الحنبلي، المحدّث المعدّل.


[١] قلت: وقد تحرفت الآية في «آ» و «ط» إلى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ ... ٥: ١٧.
[٢] قلت: جاء في هامش «ط» ما نصه: «أقول: ليس في هذا البيت نص أنه بالكل حتّى الله، بل المراد من المخلوقات، ولا حاجة إلى الجواب بأنه مدسوس» . لكتابه داود كما في هامش الأصل.
[٣] انظر «تاريخ الإسلام» (٦٤/ ٣٣٦- ٣٣٧) و «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٢٢٠- ٢٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>