للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ارتحل إلى بغداد سنة ثلاث وستمائة مع ابن عمّه سيف الدّين عبد الغني المتقدم ذكره أيضا، فسمع بها من ابن سكينة، وابن الأخضر، وابن طبرزد، وخلق. وأقام بها ستّ سنين يشتغل بأنوع العلوم. ثم رجع إلى حرّان، فاشتغل على عمّه فخر الدّين. ثم رجع إلى بغداد، فازداد بها من العلوم. وتفقه بها على أبي بكر بن غنيمة [الحلاوي] ، والفخر إسماعيل، وأتقن العربية، والحساب، والجبر، والمقابلة. وبرع في هذه العلوم وغيرها.

قال الذهبي: حدثني شيخنا- يعني أبا العباس بن تيمية شيخ الإسلام حفيد الشيخ مجد الدين هذا- أن جدّه ربّي يتيما، وأنه سافر مع ابن عمّه إلى العراق ليخدمه ويشتغل معه وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فكان يبيت عنده، فيسمّعه مسائل الخلاف، فيحفّظه المسألة، فقال الفخر إسماعيل: ايش حفظ هذه الصغير، فبدر وعرض ما حفظه في الحال، فبهت فيه الفخر، وقال لابن عمه: هذا يجيء منه شيء وحرضه [١] على الاشتغال. قال: فشيخه في الخلاف الفخر إسماعيل، وعرض عليه مصنّفه «جنّة الناظر» وكتب له عليه:

عرض عليّ الفقيه الإمام العالم، أوحد الفضلاء. وهو ابن ست عشرة عاما.

قال الذهبي: وقال لي شيخنا أبو العبّاس: كان الشيخ جمال الدّين بن مالك يقول: ألين للشيخ المجد الفقيه كما ألين لداود الحديد [٢] .

وقال الشيخ جم الدّين بن حمدان مصنّف «الرعاية» في تراجم شيوخ حرّان: صحبت المجد صحبته بعد قدومي من دمشق ولم أسمع منه شيئا، وسمعت بقراءته على ابن عمّه كثيرا. وولي التفسير والتدريس بعد ابن عمه، وكان رجلا فاضلا في مذهبه وغيره، وجرى لي معه مباحث كثيرة ومناظرات عديدة.


[١] في «آ» و «ط» : «وحرصه» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» : «فعرضه» والصواب ما أثبته.
[٢] في «آ» و «ط» : «كما ألين الحديد لداود» وأثبت لفظ «ذيل طبقات الحنابلة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>