للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفاتيح إلّا من الفتّاح. ثم رحل إلى مصر، فتلقاه الظّاهر بيبرس بعسكره، وأكرمه، وعظّمه، ودخلها سنة أربع وثلاثين، وكان من القوم الذين تشقى بهم البلاد وتسعد، وإذا قربوا من مكان هرب منه الشيطان وأبعد، وإذا باشروا المعالي كانوا أسعد الناس وأصعد، فأقام بطندتا على سطح دار لا يفارقه ليلا ولا نهارا اثنتي عشرة سنة، وإذا عرض له الحال صاح صياحا عظيما، وتبعه جمع، منهم: عبد العال، وعبد المجيد، وكان عبد العال يأتيه بالرّجل أو الطّفل فينظر إليه نظرة واحدة فيملؤه مددا، ويقول لعبد العال: اذهب به إلى بلد كذا أو محلّ كذا، فلا تمكن مخالفته.

ولما دخل طندتا كان بها جمع من الأولياء، فمنهم من خرج منها هيبة له، كالشيخ حسن الإخنائي، فسكن إخنا [١] حتّى مات، وضريحه بها ظاهر يزار.

ومنهم من مكث كالشيخ سالم المغربي. وسالم الشيخ البدويّ، فأقرّه على حاله، حتّى مات بطندتا، وقبره بها مشهور.

ومنهم من أنكر عليه كصاحب الأيدوان العظيم بطندتا المسمى بوجه القمر. كان وليا كبيرا فندر به الحسد، فسلبه، ومحلّه الآن بطندتا مأوى الكلاب، وليس فيه رائحة صلاح ولا مدد.

وكان الشيخ إذا لبس ثوبا أو عمامة لا يخلعها لغسل ولا غيره حتّى تبلى فتبدل، وكان لا يكشف اللّثام عن وجهه. فقال له عبد المجيد: أرني وجهك. قال: كلّ نظرة برجل. قال: أرنيه ولو متّ، فكشفه فمات حالا.

وله كرامات شهيرة، منها قصة المرأة التي أسر ولدها الفرنج فلاذت به، فأحضره في قيوده.


[١] انظر «معجم البلدان» (١/ ١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>