للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه اجتمع به ابن دقيق العيد، فقال له: إنك لا تصلي وما هذا [من] سنن الصّالحين! فقال: اسكت وإلّا أغبّر دقيقك، ودفعه فإذا هو بجزيرة عظيمة جدا، فضاق خاطره حتّى كاد يهلك، فرأى الخضر، فقال: لا بأس عليك، إن مثل البدويّ لا يعترض عليه، لكن اذهب إلى هذه القبّة وقف ببابها، فإنه يأتي عند دخول وقت العصر ليصلي بالناس، فتعلّق بأذياله، لعله أن يعفو عنك [١] ، ففعل فدفعه، فإذا هو بباب بيته. ومات- رضي الله عنه- في هذه السنة، ودفن بطندتا، وجعلوا على قبره مقاما، واشتهرت كراماته، وكثرت النّذور إليه [٢] . واستخلف الشيخ عبد العال، فعمّر طويلا، إلى أن مات سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، واشتهرت أصحابه بالسّطوحية. وحدث لهم بعد مدة عمل المولد، وصار يقصد من بلاد بعيدة، وقام بعض العلماء والأمراء بإبطاله فلم يتهيأ لهم ذلك، إلّا في سنة واحدة، وأنكر عليه ابن اللّبان ووقع فيه، فسلب القرآن والعلم، فصار يستغيث بالأولياء حتّى أغاثه ياقوت العرشي، وشفع فيه. انتهى كلام الشيخ عبد الرؤوف المناوي باختصار.

وفيها الشيخ الزّاهد جندل بن محمد العجمي [٣] .

قال القطب اليونيني في «ذيله على مختصر المرأة» له: الشيخ الصّالح العارف. كان زاهدا، عابدا، منقطعا، صاحب كرامات وأحوال ظاهرة وباطنة، وله جدّ واجتهاد، ومعرفة بطريق القوم. انتهى.


[١] لفظة «عنك» سقطت من «آ» .
[٢] قلت: لا يجوز النّذر لغير الله عزّ وجلّ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النّذر، وذلك فيما رواه البخاريّ رقم (٦٦٠٨) و (٦٦٩٢) و (٦٦٩٣) ومسلم رقم (١٦٣٩) عن عبد بن عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما قال: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أنّه نهى عن النّذر، وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل، وقد استوفيت تخريج الحديث في «عمدة الأحكام» للحافظ عبد الغني المقدسي صفحة (٢٥٤) طبع دار المأمون للتراث بدمشق فراجعه.
[٣] انظر «البداية والنهاية» (١٣/ ٢٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>