للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذاهبهم منه أشياء، ولا يعرف أنه ناظر أحدا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواء كان من علوم الشّرع أو غيرها إلّا فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها. وكتب الحافظ ابن سيّد الناس في «جواب سؤالات الدّمياطي» في حقّ ابن تيميّة: ألفيته ممن أدرك من العلوم حظا. وكاد [١] يستوعب السّنن والآثار حفظا. إن تكلّم في التفسير، فهو حامل رايته، وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر [٢] بالحديث فهو صاحب علمه، وذو روايته، أو حاضر بالنّحل والملل لم ير أوسع من نحلته، ولا أرفع من درايته.

برز في كل فنّ على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه.

وقال الذهبي في «تاريخه الكبير» بعد ترجمة طويلة: بحيث يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث.

وترجمه ابن الزّملكاني أيضا ترجمة طويلة وأثنى عليه ثناء عظيما، وكتب تحت ذلك:

ماذا يقول الواصفون له ... وصفاته جلّت عن الحصر

هو حجّة لله باهرة ... هو بيننا أعجوبة الدّهر

هو آية للخلق ظاهرة ... أنوارها أربت على الفجر

وللشيخ أثير الدين أبي حيّان النّحوي لما دخل الشيخ مصر واجتمع به فأنشد أبو حيّان:

لمّا رأينا تقيّ الدّين لاح لنا ... داع إلى الله فردا ما له وزر

على محيّاه من سيما الألى صحبوا ... خير البريّة نور دونه القمر

حبر تسربل منه دهره حبرا ... بحر تقاذف من أمواجه الدّرر

قام ابن تيميّة في نصر شرعتنا ... مقام سيّد تيم إذ عصت مضر


[١] في «آ» و «ط» : «وكان» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف.
[٢] في «آ» و «ط» : «أودان» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>