للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأظهر الدّين إذ آثاره درست ... وأخمد الشّرك إذ طارت له شرر

يا من تحدّث عن علم الكتاب أصخ ... هذا الإمام الذي قد كان ينتظر

يشير بهذا إلى أنه المجدد.

وممن صرّح بذلك الشيخ عماد الدّين الواسطي، وقد توفي قبل الشيخ. وقال في حقّ الشيخ بعد ثناء طويل جميل ما لفظه: فو الله، ثم والله، ثم والله، لم ير تحت أديم السماء مثل شيخكم ابن تيميّة، علما، وعملا، وحالا، وخلقا واتّباعا، وكرما، وحلما، وقياما في حقّ الله عند انتهاك حرماته، أصدق النّاس عقدا، وأصحهم علما، وعزما، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحقّ وقيامه همة، وأسخاهم كفّا، وأكملهم اتباعا لنبيّه محمد صلّى الله عليه وسلّم. ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلي النّبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلّا هذا الرجل، يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة.

وقال الشيخ تقي الدّين بن دقيق العيد، وقد سئل عن ابن تيمية بعد اجتماعه به،: كيف رأيته؟ فقال: رأيت رجلا سائر العلوم بين عينيه، يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء، فقيل له: فلم لا تتناظرا؟ قال: لأنه يحب الكلام وأحبّ السّكوت.

وقال برهان الدّين بن مفلح في «طبقاته» [١] : كتب العلّامة تقي الدّين السّبكي إلى الحافظ الذّهبي في أمر الشيخ تقي الدّين بن تيميّة، فالمملوك يتحقق [أن] قدره وزخارة بحره وتوسعته في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وأنه [٢] بلغ من ذلك كل المبلغ الذي يتجاوزه الوصف، والمملوك يقول ذلك دائما، وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجلّ، مع ما جمعه الله تعالى له من الزّهادة، والورع، والدّيانة، ونصرة الحقّ، والقيام فيه لا لغرض سواه، وجريه على سنن السّلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزّمان، بل في أزمان. انتهى.


[١] انظر «المقصد الأرشد» (١/ ١٣٦) ولفظة «أن» مستدركة منه.
[٢] لفظة «وأنه» لم ترد في «المقصد الأرشد» فلتستدرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>